إن التذوق الأدبي هو العلامة المميزة التي تدل على أن المتذوق ذو موهبة أدبية، لأن إحساس الإنسان بجمال الشيء وإعجابه به هو المؤشر على مدى الصلة الوثيقة بين الشيء الخارجي وميل النفس إليه.
وبمعنى أدق إن التذوق هو استجابة لرغبات النفس وميولها، فبعض الناس يميلون إلى الألوان الهادئة، وبعضهم يميلون إلى الألوان الصارخة تعبيرا عن اتجاه وميل في دواخل نفوسهم، وبعضهم يعشقون الموسيقى ويتذوقونها فيكثرون من تسجيلاتها ويرتاحون لسماعها وبعد مرحلة يفاضلون بين هذا الموسيقي وذاك، كذلك بعضهم يعشق الرسم والتعبير بالألوان فيقتنون بعض اللوحات، ويكثرون من التطلع إليها بحثا عن أسباب الجمال فيها ودراستها والمفاضلة بين اللوحات والفنانين. ولما كان الشعر فنا من الفنون الجميلة كان له عشاقه بمعانيه وأخيلته ويطربهم بأوزانه الموسيقية المتكررة وبقافيته المتحدة في الإيقاع واللفظ والنغم، وبعضهم يعشقون النثر بأفكاره العامة وميادينه الثقافية المتعددة، وألوانه المتعددة في القصة والمقالة والخطبة والمحاضرة والندوة والمناظرة ولغة التأليف ولغة المسرح...إلخ، ولا عجب فالنثر هو النهر الذي ترده الأمم عند بناء حضارتها ونهضتها لأنه الموصل الجيد للأفكار في الديانات والعلوم والفنون والتاريخ والأدب والاجتماع والرياضيات والهندسة...إلخ.
راق لي هذا الطرح الهادئ