شبكة همس الشوق

شبكة همس الشوق (https://www.hamsalshok.com/vb/index.php)
-   همس للحياة الزوجية (https://www.hamsalshok.com/vb/f135)
-   -   متى يكون الوقت ملائما (https://www.hamsalshok.com/vb/t26771.html)

استثنائيه 3 - 5 - 2013 02:06 AM

متى يكون الوقت ملائما
 
متى يكون الوقت ملائما لفضّ كلمة"بكارة"؟

بقلم: كمال الشيحاوي
تنسيق :محمد سعد




باعتبار ما تحظى به المرأة من وضع قانوني استثنائي في تونس قياسا بعموم العالم العربي/الإسلامي فقد باتت جرائم الشرف قليلة. مع ذلك فإن الفتاة غير العذراء والمقبلة على الزواج تهرب إلى الحلّ الطبي خوفا من المفاجآت غير السارة لليلة الدّخلة. فالبكارة حتى وإن كانت مصطنعة إلاّ أنها "شهادة صلوحية"، تجعل حظوظ الفتاة وافرة في سوق الزواج الذي يعتبر فيه الرجل عذرية المرأة مؤشرا على عفتها وشرفها وشهادة على حسن سيرتها وسلوكها قبل الزواج. لهذا السلوك آثار نفسية سيئة. لأنّ العذرية الاصطناعية نوع من الخداع وجرح نفسي غائر قد يعود كمكبوت ليربك العلاقة الزوجية ذاتها، ما لم تحدث مكاشفة ومصارحة بين المقبلين على الزواج.


تعتبر القضية من "الطابوهات" بلا شكّ ومع ذلك تمكّن بعض المخرجين السينمائيين التونسيين المعروفين بجرأتهم في مثل هذه القضايا المتصلة بالمرأة خاصّة من التصدّي لطرح هذه القضية. فبعد فترة طويلة عن شريط "خالد غربال" "فاطمة" الذي طرح في ثنايا أحداث شريطه قضية "العذرية الاصطناعية" انطلاقا من واقعة حقيقية جدّت بمدينته صفاقس، كانت من أسباب نجاحه التجاري، عاد السينمائي التونسي "جمال مقني" لطرح هذه القضية بطريقة صادمة وذلك من خلال فيلمه الوثائقي الذي حمل عنوان Hymennational.


تعمّد المخرج في هذا الفيلم التلاعب بالألفاظ، للخلط بين Hymen غشاء البكارة وHymnenational أي النشيد الوطني، وذلك للتعبير عن حجم ظاهرة ترميم البكارة في تونس. كشف الفيلم أن عدد هائل من الفتيات التونسيات اللّواتي يصلن إلى سن الزواج يقدمن حالياً على عملية إعادة ترميم البكارة وقد استند المخرج إلى دراسات وبحوث علمية وميدانية بعضها صدر عن دوائر رسمية في تونس مثل "ديوان الأسرة والعمران البشري". نفس الظاهرة أراد السينمائي"النوري بوزيد" تسليط الضوء عليها في مشروع فيلمه الروائي "اسكت، عيب!". والذي تمّ الامتناع عن دعمه من قبل وزارة الثقافة منذ سنتين.


شكّل استبعاد شريط جمال مقني من الدورة الفارطة من "أيام قرطاج السينمائية" صدمة للمدافعين عن مبدأ حرية التعبير والمثير في الموضوع أن النساء هنّ اللّواتي بادرن إلى تحرير هذا الفيلم وذلك من خلال عدد من الجمعيات النسائية التونسية التي استضافت المخرج وفيلمه في فضاء "التياترو" أين عُرض الفيلم ونُظّم مؤتمر صحفي بحضور المخرج. أما النوري بوزيد، فقد أطلق صرخة غضب مدوية على شاشة تلفزيون "حنبعل" التونسية الخاصّة، معبراً عن رفضه ما يُقال من أن "التوقيت غير ملائم حالياً للخوض في هذه القضية و أكّد لنا في حوار نشر على موقع "الأوان" بمرارة أن مشروع فيلمه قد دفن تماما.


بعد ثورة 14 جانفي، عادت كلمة "بكارة" لتتردّد على ألسنة عدد من المتدخّلين في الشأن السياسي العام بتونس وذلك في سياق التعبير بأنّ فلانا يريد استعادة عذرية جديدة. كناية عن الشخص الذي يسعى للتهرّب من ماضيه والظهور بصورة جديدة مختلفة. تتناسب وخطاب ما بعد الثورة.


كشف الاستخدام المجازي لمفردة "بكارة" من قبل عدد من السياسيين والمثقّفين التونسيين أن المعجم الفحولي "الرّجالي" بنزعته الاستحواذية/الإقصائية ما يزال حاضرا في الخطاب السياسي التونسي وهو ما يؤكّد أن البنية اللاّواعية للخطاب لدى السياسيين والمثقفين و من يطلق عليهم ب"نشطاء المجتمع المدني" ما تزال محكومة برصيد فكري "ذكوري" يرسّخ تفوّق الرّجل ويعلي من شأن البكارة ويعتبرها عنوان الشرف. إنّ العذرية في إطار هذه الذهنية تمنح مرّة واحدة لنظام واحد مثلها مثل عذرية المرأة التي تمنح مرّة واحدة لرجل واحد أيضا. هكذا تتسع دلالة هذا الشرف لتخرج عن الجانب المتصل بعذرية المرأة ليشمل ما يتصل بعذرية الرّجل أيضا. فالجميع مهدّد بأن يفقد عذريته من قبل نظام مفرط في الفحولة والجميع قد يضطر للبحث عن عذرية جديدة بشكل من الأشكال. لا تفوتنا الإشارة في هذا السياق إلى أنّ الخطاب السياسي اليومي المحلّي التونسي يتضمّن مفردات جنسية كثيرة، تستخدم لوصف ما يطرأ على الحياة السياسية في بلادنا فيقال مثلا عن الشخص الذي تتمّ تنحيته من منصبه السياسي أنّه "تكسّر" وهي عبارة تطلق في الاستعمال الدّارج التونسي على المرأة التي فضّت بكارتها. من اليسير طبعا أن نلاحظ فائض العنف الذي يصاحب هذه الاستعمالات المجازية. فاستخدام هذه الاستعارة ليس مجرّد تمثيل بليغ. فهو يستبطن داخله رفضا قطعيا لا لإمكانية قبول المرأة بدون بكارة فهذا يدخل في "اللاّمفكّر فيه" أصلا داخل هذه العقلية، بل رفضا مسبّقا لإمكانيات التجاوز والتطوّر عبر الاعتراف والمصالحة والنقد الذاتي للشخص الذي ارتبط بشكل أو بآخر بنظام سياسي تمّت الثورة عليه. ما يؤكّد هذه القراءة أن معظم الرّافضين لإمكانية البحث عن عذرية جديدة هم الأكثر ميلا لنوازع الاجتثاث والاستئصال في حقّ خصومهم السياسيين.


في المقال الشهير الذي كتبه سنة 1918، تحت عنوان "طابو البكارة"، يفتتح فرويد مقاله كما جاء في صفحات "الأوان" بالاستغراب من أهمّيّة طابو البكارة ومن تعبيره عن نوازع السّيطرة لدى الرّجل: "فعندما نفرض على الفتاة التي تتزوّج برجل أن لا تأتي معها بذكريات علاقات جنسيّة ربّما أقامتها مع رجل آخر، فإنّ ما نفعله لا يعدو منطقيّا أن يكون توسيعا لحقّ الملكيّة الحصريّة للمرأة وهي ملكيّة تمثّل أساس الزّواج الأحاديّ، وبسطا لهذا الاحتكار على الماضي." هذا القول ينطبق في تقديرنا على المجال السياسي أيضا. فعندما يسعى المتكلّمون باسم الثورة إلى اشتراط العذرية والصفاء المطلق من أي علاقة أو أيّة شائبة ولو صغيرة مع النظام السابق، فإن ما يفعلوه لا يعدو أن يكون سوى توسيعا لحق الملكية الحصرية للثورة لفائدتهم. يريدون تضييق مجال الكلام باسم الثورة حتّى لا يتجاوز الحدود التي يرسمونها هم باعتبارهم حماة شرفها الوحيدون.


للشاعر الاسباني الشهير "لوركا" قصيدة جميلة، بقيت إحدى صورها في الذّاكرة حيث تقول امرأة عاشقة لحبيبها أنّها تستعيد معه في كلّ لحظات العشق عذرية جديدة وأن العاشق قادر في كلّ أوان وحين أن يستعذب حبيبته وكأنّها في لقاءها الأوّل معها. هكذا أعطى الشاعر للعذرية معنى مختلفا، عميقا، يثري الحياة الإنسانية ولا يختزلها في مجرد نزيف للدّم.


ما يزال موضوع البكارة طابو لم يفتضّ بعد رغم انتشار ظاهرة استخدام البكارة الاصطناعية. حمل جمال مقني شريطه "غشاء وطني" معه عند عودته إلى فرنسا أمّا النوري بوزيد الذي لم يتمكّن من فضّ الموضوع فقد فضّ رأسه بجسم صلب من قبل شاب متشدّد. فمتى نخرج من غشاء البكارة ومن غشاوتها؟ متى يكون الوقت ملائما لفضّ عبارة "بكارة"؟.


جروح الم 3 - 5 - 2013 07:46 AM

رد: متى يكون الوقت ملائما ؟
 
دام تألقك في العلالي ولا حرمنا الله منك ومن ابداعك
شكري واحترامي لك تقبلي تواضع مروري

استثنائيه 4 - 5 - 2013 05:57 PM

رد: متى يكون الوقت ملائما ؟
 
مروورك اسعدني غاليتي
احترامي


الساعة الآن 10:06 PM

جميع الحقوق محفوظه للمنتدى
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010


الامتياز


SEO by vBSEO