14 - 11 - 2023, 01:32 AM
|
| |
|
ألا ليته لا يتمزق لا يتناثر لا يتشتت
 
 ألا ليته لا يتمزق لا يتناثر لا يتشتت
لوحة بديعة و كئيبة تُزيّن سمائها نجوم متوجّعة من ظلام السّماء و شجنها الضّبابيّ
إنّه لإحساسٌ مؤلم و غريب كسكّين تستمرّ بنخر قلبي, عندما أرى عذاباً كهذا
متجسّد في قطعة فنّيّة في غاية الجمال كهذه,
فالهلال فيها اصْفرّ حزناً و مرضاً يكتوي بناره ليشعّ منه نورٌ مأساويّ يضيء به هذه البلدة
التي تغشاها ريحٌ لا تهدأ تهِبّ كفيضان أو كإعصار يعوي غضباً
أو ربّما هو عتاب صامت لكنّه ينهمر كلحن أغنية كعزف عازف محترف في هذا اللّيل البارد حتّى الشّجر أخذ
يرتجف في سكون و ثباتٍ يخدع النّاظر, لكنّه لا يخدع الإحساس الصّادق
العميق الدّاخليّ الذي في قلبي
لهذا النّبات الباسق روح شبحٍ معذّبٍ, مستسلم تماماً و خاضع كلّ الخضوع
لمصيره المحتّم في طمأنينة تثير الإعجاب.
أخذت كلّ البيوت الصّغيرة و حتّى الكبيرة الفسيحة تتوارى خجلاً أمام ستار اللّيل المسدل
بهِبة و جلال يضفي عليها شاعرية مرّت عليها قرونٌ من الزّمان, ألا ليت العيون تقدّر الجمال, ألا ليت الأرواح عميقة لدرجة رؤية جمالية الأشياء القيّمة كما هي في حسن
بساطتها و وضّاءة و بهاء حضورها الخفيّ إلاّ عن عين تعرف أسرار و مكنونات الجواهر
الغائب رونقها و ملاحة روحها خلف غيوم الحياة المتقلّبة المتوارية بعيداً, عن كلّ ما قد
يخدش زجاجها الهشّ.
إنّنا أحياناً نخبّئ ما قد نخشى عليه من التّحطّم و التّفتّت
و أحياناً أخرى نخاطر بكلّ شيء في لحظة تهوّر أو ربّما هي لحظة يغيب فيها الوعي
و يحضر اللاّوعي فنخسر كلّ شيء, لتهوي بنا أرواحنا عميقاً
ألا ليت الكيان الذي حافظنا عليه طويلاً و شملناه برعاية و حفظنا له مكانة لم يحظى بها إلاّ من كان سبباً في خسارتنا أغلى الأشياء و أكثرها لمعاناً
لا يتمزّق, لا يتناثر, لا يتشتّت.
أودع العصفور سرّك الصّغير و حلمك البعيد و دَعْه يتمايل مع الرّيح
و ناجي اللّيل بصوت القلب الحزين الكئيب فهو يحتض الإحساس
دون غضبٍ أو ضيق.
|
|
|
|
الموضوع الأصلي :
لا ليته لا يتمزق لا يتناثر لا يتشتت || الكاتب :
جروحْ || المصدر :
شبكة همس الشوق   |
عضويتي
العرض العادي
