همس الشوق |
نفحات اسلاميه كل ما يخص عقيدتنا الاسلاميه وديننا الحنيف من اهل الكتاب والسنه |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]() ![]()
الشيخ عبدالله بن محمد البصري أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28]. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا دَخَلَ أَهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وَاستَقَرُّوا فِيهَا، فَإِنَّ مِن أَوَّلِ دُعَائِهِم مَا ذَكَرَهُ اللهُ - تَعَالى - عَنهُم حَيثُ قَالَ: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34] مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الحَزَنَ أَو جُزءًا مِنهُ، لا بُدَّ أَن يُصِيبَ العَبدَ في هَذِهِ الحَيَاةِ، وَأَنَّ الدُّنيَا لَيسَت بِدَارِ سَعَادَةٍ كَامِلَةٍ، وَلا يَذُوقُ فِيهَا العَبدُ رَاحَةً تَامَّةً، نَالَ مَا نَالَ مِن مَالٍ، أَو حَصَّلَ مَا حَصَّلَ مِن زِينَةٍ وَمَتَاعٍ، أَو وَصَلَ إِلى مَا وَصَلَ إِلَيهِ مِن جَاهٍ أَو حَسَبٍ، فَلا بُدَّ مِنَ النَّقصِ في دَارِ النَّقصِ، وَلا مَنَاصَ فِيهَا مِنَ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]. ثَمَانِيَةٌ تَجرِي عَلَى النَّاسِ كُلِّهِم == وَلا بُدَّ لِلإِنسَانِ يَلقَى الثَّمَانِيَهْ سُرُورٌ وَحُزنٌ وَاجتِمَاعٌ وَفُرقَةٌ == وَيُسرٌ وَعُسرٌ ثُمَّ سُقمٌ وَعَافِيَه فَتِلكَ طَبِيعَةُ الحَيَاةِ الدُّنيَا: طُبِعَت عَلَى كَدَرٍ وَأَنتَ تُرِيدُهَا == صَفوًا مِنَ الأَقذَاءِ وَالأَكدَارِ؟ وَمُكَلِّفُ الأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا == مُتَطَلِّبٌ في المَاءِ جَذوَةَ نَارِ! نَعَم - عِبَادَ اللهِ - لا بُدَّ لِلإِنسَانِ في هَذِهِ الدُّنيَا مِن شَيءٍ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالكَدَرِ، غَيرَ أَنَّ نِسبَةَ السَّعَادَةِ وَالحُزنِ في القَلبِ، مَقرُونَةٌ بِقَدرِ مَا فِيهِ مِن إِيمَانٍ وَهِدَايَةٍ، فَمَتى قَوِيَ إِيمَانُ العَبدِ بِاللهِ وَزَادَ يَقِينُهُ وَصَلَحَ وَاهتَدَى، استَقَرَّت نَفسُهُ وَاطمَأَنَّ قَلبُهُ، وَسَكَنَت رُوحُهُ، وَأَحَسَّ بِرَاحَةٍ وَسَعَادَةٍ، وَإِنْ بَدَا لِلنَّاسِ أَنَّهُ شَقِيٌّ أَو مَحرُومٌ، أَو كَانَتِ الحَوَادِثُ وَالمَصَائِبُ تَتَخَطَّفَهُ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38] وَمَعَ هَذَا الإِيمَانِ الَّذِي يُزِيحُ عَن القَلبِ أَثقَالَ الحُزنِ وَيَقشَعُ عَنهُ سَحَائِبَ الهَمِّ، فَلا بُدَّ لِلعَبدِ مِن صَبرٍ يُقَوِّي عَزمَهُ وَيُثَبِّتُ جَنَانَهُ، وَدُعَاءٍ صَادِقٍ يَستَعِينُ بِهِ رَبَّهُ وَمَالِكَ قَلبِهِ، وَأَسبَابٍ حِسِّيَّةٍ يَتَنَاوَلُهَا تَنَاوُلَ الدَّوَاءِ، مُتَّكِلاً عَلَى اللهِ مُعتَصِمًا بِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127] وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَثِيرًا مَا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخلِ وَالجُبنِ، وَضَلَعِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَإِنَّ نَظرَةً فَاحِصَةً في هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ الَّتي كَانَ يَرفَعُهَا أَفقَهُ النَّاسِ وَأَعلَمُهُم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لَتُعطِي العَبدَ مَزِيدًا مِنَ التَّعَرُّفَ عَلَى مُنَغِّصَاتِ الحَيَاةِ وَمُسَبِّبَاتِ الحُزنِ وَالضِّيقِ، لِيَتَجَنَّبَهَا وَيَتَخَلَّصَ مِنهَا، تِلكُم هِيَ ضِيقُ الصَّدرِ بِسَبَبِ مَا يَظُنُّهُ المَرءُ وَيَتَوَقَّعُهُ مُستَقبَلاً، أَو حُزنُهُ بِسَبَبِ مَا يُفَكِّرُ فِيهِ مِمَّا مَضَى وَلَن يَعُودَ، أَو عَجزُهُ عَنِ القِيَامِ بما يَأمَلُهُ وَيَطمَحُ إِلَيهِ، أَو كَسَلُهُ وَرُكُونُهُ إِلى الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ، وَعَدَمُ سَعيِهِ فِيمَا يَنفَعُهُ وَيُصلِحُ شَأنَهُ، أَو جُبنُهُ عَنِ المَعَالي وَتَرَاجُعُهُ وَكَثرَةُ خَوفِهِ، وَعَدَمُ إِقدَامِهِ عَلَى مَا فِيهِ مَصَلَحَةٌ مُتَحقِّقَةٌ أَو رَاجِحَةٌ، أَو بُخلُهُ بما آتَاهُ اللهُ أَن يُنفِقَهُ في زَكَاةٍ أَو صَدَقَةٍ أَو إِيثَارٍ لِمُحتَاجٍ، وَلَو تَفَكَّرَ مُتَفَكِّرٌ مِنَّا اليَومَ، لَوَجَدَ أَنَّ هَذِهِ الأَسبَابَ مُجتَمِعَةً أَو بَعضَهَا، هِيَ مَنشَأُ مَا يَعتَرِي الكَثِيرِينَ مِن هُمُومٍ وَأَحزَانٍ، وَأَسَاسُ مَا يُحيطُ بِقُلُوبِهِم مِن ضِيقٍ وَآلامٍ، فَتَفرِيطٌ في العَبَادَاتِ، وَتَقصِيرٌ في الطَّاعَاتِ، وَتَوَرَّطٌ في كَثِيرٍ مِنَ المُخَالَفَاتِ، وَضَيَاعُ أَيَّامٍ في التُّرَّهَاتِ، وَشَغلُ أَوقَاتٍ بَالمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَتَقَاعُسٌ عَنِ السَّعيِ فِيمَا يَنفَعُ وَاعتِمَادٌ عَلَى الآخَرِينَ، بَل وَإِسَاءَةٌ إِلَيهِم وَظُلمٌ وَعَدَمُ إِحسَانٍ، وَشُحٌّ وَبُخلٌ وَمَنعُ حُقُوقٍ وَبُهتَانٌ، كُلُّ هَذَا مِمَّا أَمرَضَ النُّفُوسَ وَضَيَّقَ الصُّدُورَ، وَضَاعَفَ أَدوَاءَ القُلُوبِ بَل وَأَمَاتَ بَعضَهَا. وَأَمَّا النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ الكَبِيرَةُ - عِبَادَ اللهِ - فَإِنَّهَا لا تُفَكِّرُ كَثِيرًا فِيمَا لا تَملِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ مِمَّا مَضَى أَو مِمَّا هُوَ آتٍ، بَل تَصرِفُ فِكرَهَا إِلى مَا يَنفَعُهَا، وَتَبذُلُ الأَسبَابَ في تَحقِيقِ مَا خُلِقَت لَهُ مِن عُبُودِيَّةِ رَبِّهَا، مُوقِنَةً أَنَّهَا مَتى مَا كَانَت لَهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرضَاهُ، كَانَ لَهَا عَلَى مَا تُحِبُّهُ وَتَرضَاهُ، فَهُوَ - سُبحَانَهُ - غَفُورٌ شَكُورٌ، لا يَحزَنُ مَن كَانَ مَعَهُ وَإِن تَخَطَّفَتهُ أَيدِي المُشكِلاتِ أَو أَحَاطَت بِهِ شِبَاكُ المُصِيبَاتِ، وَقَد حَكَى - تَعَالى - لِعِبَادِهِ قَولَ نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لِصَاحِبِهِ: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 40] نَعَم - إِخوَةَ الإِيمَانِ - لا فَرَحَ لِلعَبدِ وَإِن نَالَ شَهَوَاتِهِ وَحَصَّلَ مَلَذَّاتِهِ وَهُوَ غَافِلٌ عَن أَمرِ آخِرَتِهِ، وَلا حُزنَ لَهُ وَاللهُ مَعَهُ وَإِن قَلَّ مَا في يَدِهِ، وَإِنَّمَا الحُزنُ لِمَن فَاتَهُ اللهُ وَتَخَلَّى عَنهُ مَولاهُ وَإِن جَمَعَ الدُّنيَا وَحَازَهَا بِحَذَافِيرِهَا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا عَلِمَ العَبدُ بِيَقِينٍ أَنَّ الأَجلَ مَحدُودٌ وَالرِّزقَ مَقسُومٌ، وَأَنَّ اللهَ هُوَ خَالِقُ الكَونِ وَمُدَبِّرُهُ بما فِيهِ، ثُمَّ أَخَذَ الأُمُورَ بِسَمَاحَةٍ نَفسٍ وَسِعَةِ صَدرٍ وَطِيبِ قَلبٍ، مُوقِنًا أَنَّهُ لَيسَ بِدعًا مِنَ النَّاسِ فِيمَا يُصِيبُهُ، مُستَحضِرًا أَنَّهُ حَتى أَنبِيَاءُ اللهِ وَأَولِيَاؤُهُ لم يَسلَمُوا في هَذِهِ الدُّنيَا أَن يُصِيبَهُم نَصِيبٌ مِنَ الحُزنِ وَالهَمِّ، أَورَثَهُ ذَلِكَ العِلمُ رَاحَةً وَنَعِيمًا وَأُنسًا، وَأَنسَاهُ كُلَّ هَمٍّ وَأَبعَدَ عَنهُ كُلَّ غَمٍّ، قَالَ - تَعَالى - عَن يَعقُوبَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84] وَقَالَ عَن نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر: 97] وَقَالَ: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر: 97] وَفي البُخَارِيِّ قَالَت عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - وَهِيَ تَقُصُّ قِصَّةَ الوَحيِ: وَفَتَرَ الوَحيُ فَترَةً حَتى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنَا حُزنًا غَدَا مِنهُ مِرَارًا كَي يَتَرَدَّى مِن رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الجَبَالِ... وَفِيهِ أَيضًا عَنهَا - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - أَنَّهَا قَالَت لِلنَّبيِّ - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: هَل أَتى عَلَيكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قَالَ: "لَقَد لَقِيتُ مِن قَومِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنهُم يَومَ العَقَبَةِ، إِذ عَرَضتُ نَفسِي عَلَى ابنِ عَبدِ يَالِيلَ بنِ عَبدِ كُلالٍ فَلَم يُجِبْني إِلى مَا أَرَدتُ، فَانطَلَقتُ وَأَنَا مَهمُومٌ عَلَى وَجهِي، فَلَم أَستَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرنِ الثَّعَالِبِ... الحَدِيثَ، وَرَوَى مُسلِمٌ عَنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "الدُّنيَا سِجنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ" وَفي الصَّحِيحَينِ مِن حَدِيثِ أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ عَلَيهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ: "مُستَرِيحٌ وَمُستَرَاحٌ مِنهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُستَرِيحُ وَالمُستَرَاحُ مِنهُ؟! قَالَ: " العَبدُ المُؤمِنُ يَستَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنيَا وَأَذَاهَا إِلى رَحمَةِ اللهِ، وَالعَبدُ الفَاجِرُ يَستَرِيحُ مِنهُ العِبَادُ وَالبَلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ "إِنَّهَا الحَقِيقَةُ الَّتي تَهُونُ بالعِلمِ بها كُلُّ المَصَائِبِ، وَتَذهَبُ بِاستِصحَابِهَا كُلُّ الهُمُومِ، فَكَيفَ إِذَا عَلِمَ العَبدُ أَنَّ مَا قَد يُصِيبُهُ إِنَّمَا هُوَ تَكفِيرٌ لِسَيِّئَاتِهِ وَرِفعَةٌ لِدَرَجَاتِهِ؟! قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا يُصِيبُ المُسلِمَ مِن نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بها مِن خَطَايَاهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاستَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ القُرآنِ وَذِكرِ اللهِ، فَقَد قَالَ - تَعَالى - عَن كِتَابِهِ: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. الخطبة الثانية أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِمَّا يُشَتِّتُ النُّفُوسَ وَيُفَرِّقُ شَملَهَا وَيُلبِسُهَا الهَمَّ وَالحَزَنَ، أَن يَصرِفَ العَبدُ نَظَرَهُ وَيَجعَلَ هَمَّهُ في دُنيَاهُ، وَيَتَغَافَلَ عَن مَصِيرِهِ وَيَتَعَامى عَن أُخرَاهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللهُ عَلَيهِ أَمرَهُ، وَجَعَلَ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ، وَلَم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَن كَانَتِ الآخِرَةُ نَيَّتَهُ، جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلبِهِ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم وَالجَؤُوا إِلَيهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ، فَقَد كَانَ نَبِيُّكُم - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُ أَصحَابَهُ اللُّجُوءَ إِلى اللهِ عِندَ الكَربِ وَعَدَمَ الاستِسلامِ لِلأَحزَانِ، فَعَن عَبدِالرَّحمَنِ بنِ أَبي بَكرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "دَعَوَاتُ المَكرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحمَتَكَ أَرجُو، فَلا تَكِلْني إلى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ، وَأَصلِحْ لي شَأني كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي عَبدُكَ وَابنُ عَبدِكَ وَابنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكمُكَ، عَدلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيتَ بِهِ نَفسَكَ، أَو أَنزَلتَهُ في كِتَابِكَ، أَو عَلَّمتَهُ أَحَدًا مِن خَلقِكَ، أَوِ استَأثَرتَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ، أَن تَجعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قَلبي، وَنُورَ صَدرِي، وَجَلَاءَ حُزنِي وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذهَبَ اللهُ هَمَّهُ، وَأَبدَلَهُ مَكَانَ حُزنِهِ فَرَحًا" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، فَإِذَا لَهَجَ العَبدُ إِلى رَبِّهِ بِقَلبٍ حَاضِرٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَاجتَهَدَ في تَحصِيلِ أَسبَابِ الإِجَابَةِ، وَأَحسَنَ إِلى خَلقِ اللهِ وَفَرَّجَ عَن المَكرُوبِينَ وَيَسَّرَ عَلَى المُعسِرِينَ، حَقَّقَ اللهُ رَجَاءَهُ وَأَجَابَ دُعَاءَهُ، وَانقَلَبَ هَمُّهُ وَحُزنُهُ فَرَحًا وَسُرُورًا ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3] وَ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]. اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالجُبنِ وَالبُخلِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّينِ وَقَهرِ الرِّجَالِ. م/ن الموضوع الأصلي : اللهم اني عوذ بك من الهم والحزن || الكاتب : ريم || المصدر : شبكة همس الشوق
|
رسالة لكل زوار منتديات شبكة همس الشوق |
عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() | |
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
يا صاحب الهم إن الهم منفرج | همسه الشوق | همس الشعر والقوافي | 4 | 2 - 9 - 2023 11:27 PM |
اذكر الله واطرد الهم والحزن | سجات التهاويل | همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية | 2 | 23 - 2 - 2015 08:49 AM |
دعاء يزيل عنك الهم والحزن | جروح الم | همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية | 2 | 24 - 2 - 2014 11:39 AM |
اللهم اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا | إنكسآر ♪` | نفحات اسلاميه | 5 | 7 - 3 - 2013 09:10 PM |
هل تعبك الهم والحزن هذه رسالة خاصة لك | زهرة اللوتس | همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية | 5 | 24 - 12 - 2012 02:32 AM |