دعوة للإنضمام لأسرتنا
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لشبكة همس الشوق أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا .. لذا نرجوا منك ملئ النموذج التالي من فضلك

اسم العضو
كلمة السر تأكيد كلمة السر البريد الإلكتروني تأكيد البريد الإلكتروني

تاريخ الميلاد:    
هل انت موافق على قوانين المنتدى؟

 غير مسجل  : بصفتك أحد ركائز المنتدى وأعضائه الفاعلين ، يسر الإدارة أن تتقدم لك بالشكر الجزيل على جهودك الرائعه .. وتأمل منك فضلاً لا أمراً المشاركة في أغلب الأقسام وتشجيع كافة الأعضاء بالردود عليهم والتفاعل معهم بقدر المستطاع . ( بكم نرتقي . غير مسجل  . وبكم نتطور ) همس الشوق

اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا !

العودة   شبكة همس الشوق > همس للاقسام الاسلاميه > همس للخيمة الرمضانية
نسيت كلمة المرور اضغط هنا التسجيل
التسجيل التعليمـــات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

همس للخيمة الرمضانية

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات حمدفهد
اللقب
المشاركات 7367
النقاط 10450
بيانات همس الشوق
اللقب
المشاركات 7800
النقاط 16814

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
\r\n\r\n\r\n
\r\n \r\n
\r\n ملاحظة هامة \r\n لقراء الموضوع\r\n ♥ غير مسجل ♥\r\n
\r\n قبل قراءتك للموضوع نود إبلاغك بأنه قد يحتوي الموضوع على \r\n عبارات او صور لا تناسب البعض
\r\n فإن كنت من الأعضاء التي لا تعجبهم هذه المواضيع .. وتستاء من \r\n قرائتها .. فنقدم لك
\r\n باسم إدارة الشبكة وكاتب الموضوع .. الأسف الشديد .. ونتمنى \r\n منك عدم قراءة الموضوع
\r\n وفي حال قرائتك للموضوع .. نتمنى منك ان رغبت بكتابة رد
\r\n أن تبتعد بردودك عن السخرية والشتائم .. \r\n فهذا قد يعرضك للطرد أو لحذف مشاركتك
\r\n إدارة شبكة ( همس الشوق )
\r\n
\r\n

\r\n 

\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n
\r\n\r\n
\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\nكيف نقرأ سورة الفاتحة؟
\nالأجيال العربيّة النّاشئة، وكما يبرز من خلال دراسات متعدّدة في العقود الأخيرة، تواجه مشكلة كبيرة في فهم المقروء. هذه المشكلة تزداد عواصةً مع تسارع تدفّق المعاني المُستَحدَثة على اللّغة العربيّة من جهة، ومع انعدام خزن هذه المعاني والدّلالات في معاجم دقيقة تكون مُتاحَةً لكلّ طالب علم. وإذا كانت هذه هي حال الأجيال النّاشئة مع معرفة اللّغة العربيّة المعاصرة، مع فهمها ومع مساءلتها، فكم بالحريّ في كلّ ما يتعلّق بحال هذه الأجيال مع معرفة اللّغة التّراثيّة، ناهيك عن فهمها ومساءلتها.
\n
\n
\nتأخذ هذه المسألة بُعدًا آخر في حال كون النّصّ المراد فَهْمُه مُتّسمًا بالقداسة في عرف مَنْ يؤمن بقداسة النّصّ. ففي حال كهذه تصبح مساءلة النّصّ مهمّة غير سهلة بالمرّة، نظرًا لذلك الجانب العاطفي الّذي يخيّم على ذهن القارئ المؤمن ناصبًا فوقه ستارًا من الرّهبة يحدّ من إمكانيّة سبر أغوار النّصّ.
\n
\nسأقوم في هذه المقالة بقراءة اختباريّة تشكّل نموذجًا يُحْتَذَى لقراءات من هذا النّوع يمكن أن يقوم بها كلّ قارئ آخر إذا وجد في نفسه رغبة بذلك. ومن خلال هذه القراءة سأعرضُ بعض ما يمكن أن يتوصّل إليه الباحث عن الحقيقة من خلال قراءة لأحد أهمّ النّصوص المؤَسِّسَة للحضارة العربيّة الإسلاميّة على الإطلاق. والنّص الّذي أعنيه هو سورة الفاتحة في القرآن الكريم.
\n***
\nبادئ ذي بدء، ها هو نصّ السّورة في القرآن المتداول في العالمين العربي والإسلامي:
\n"بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمدُ لله ربّ العالمين، الرّحمن الرّحيم، مالك يوم الدّين، إيّاك تعبدُ وإيّاك نستعين، اهدنا الصّراطَ المستقيم، صراطَ الّذين أنعمتَ عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين".
\nوقبل الدّخول في صلب الموضوع نقول، إنّ المشهور هو كون هذه السّورة قد نزلت بمكّة، غير أنّ ثمّة روايات أخرى تقول بأنّها نزلت في المدينة، كما أنّ هنالك روايات تقول إنها نزلت مرّتين، مرّة في مكّة ومرّة في المدينة. يذكر السيوطي: "وأخرج وكيع في تفسيره عن مجاهد قال: نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة. وأخرج أبو بكر بن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال: نزلت فاتحة الكتاب بمكة." (السيوطي، الدر المنثور).
\n
\nفأمّا من حيث الأهميّة المعزوّة لهذا النّصّ، فهنالك إجماع بين فقهاء المسلمين على مدى أهميّة سورة الفاتحة، إذ أنّ المسلم يقوم بترديد هذه السّورة سبع عشر مرّة في اليوم على الأقلّ. ناهيك عن أنّ الصّلاة بدون ترديد سورة الفاتحة تُعتبر باطلة لاغية. إنّ كثرة الأسماء الّتي تُطلق على هذه السّورة خير شاهد على أهميّتها، ومن بين هذه الأسماء: أمّ الكتاب، وأمّ القرآن، والكافية، والشّافية، والحمد، والصّلاة، والشّكر وغيرها، غير أنّ الفاتحة هو الاسم الأشهر لهذه السّورة لانّ القرآن يفتتح بها.
\n
\nلقد لخّص سيّد قطب نظرته تجاه سورة الفاتحة قائلاً: "إنّ في هذه السورة من كلّيات العقيدة الإسلامية، وكلّيات التصوّر الإسلامي، وكليات المشاعر والتوجيهات، ما يشير إلى طرف من حكمة اختيارها للتكرار في كل ركعة، وحكمة بطلان كُلّ صلاة لا تُذكر فيها"، (سيّد قطب، في ظلال القرآن).
\n
\nإنّ هذا التّصوّر الّذي يعرضه سيّد قطب يستند إلى أحاديث وروايات قد أجمع عليها المسلمون على جميع مذاهبهم وعلى مرّ العصور. فقد أخرج البخاري في صحيحه أنّ النّبي ص قال لأبي سعيد بن المعلَّى:"لأُعَلّمَنّك سورةً هي أعظمُ السور في القرآن: الحمد لله ربّ العالمين، هي السّبعُ المَثاني وَالقُرآنُ العظيم الذي أُوتيتُه". كما روي عن أبي هريرة الحديث النّبوي: مَنْ صلّى صلاةً لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج..." (صحيح مسلم، سنن البيهقي، سنن أبي داود)، أو الحديث النّبوي الذي يقول: "لا صَلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (سنن التّرمذي).
\n
\nإذن، وبالاستناد إلى ما روى لنا السّلف، ما من شكّ في أنّ هذه السّورة هي ذات مكانة خاصّة وجوهريّة في المنظور الإسلامي. ولهذا السّبب أيضًا فإنّ قراءة متأنّية للسّورة وللقضايا الّتي قد تطرحها من شأنها أن تلقي أضواء كاشفة على جوانب خافية عن أبصار العامّة، كما من شأن قراءة كهذه أن تثير أسئلة تُفضي إلى إجابات قد يكون العامّة من المؤمنين بحاجة إليها من أجل توسيع رقعة معارفهم بمعتقداتهم هم. إنّ توسيع رقعة المعارف من شأنها أن تفكّ أسر المؤمنين من قيود العاطفة الّتي طالما شكّلت كابتًا لأفكارهم، كاتمًا لعقولهم، ومن شأن قراءة كهذه أن تفتح مصاريع جديدة على قراءات أخرى لمجمل النّصوص التّراثيّة ممّا يزيدها غنى ويزيد المؤمن بها معرفة تتّسع بها آفاقه.
\n***
\nوالأسئلة الّتي تعلو من قراءة سورة الفاتحة يمكن تقسيمها إلى عدّة مجالات:
\nأوّلاً:نهائيّة النّصّ.
\nثانيًا: المجال اللّغوي
\nثالثًا: المجال المفاهيمي، أو تفسير النّصّ.
\nأوّلاً: نهائيّة النّصّ
\n
\nهنالك إجماع بين علماء المسلمين، من سنّة وشيعة، على أنّ النّصّ القرآني، كما هو بين أيدينا، هو النّصّ الإلهي النّهائي الّذي أُنزل على محمّد عبر الملاك جبريل، وأنّ من يقول بغير ذلك فلا يُعبأ برأيه. ويستندون في ذلك إلى آيات قرآنيّة، مثل: "إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون" (سورة التوبة).
\n
\nفي هذا السّياق يورد السيّد علي الحسيني الميلاني رواية لتعزيز موقف انتفاء التّحريف عن القرآن: "وكان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يعلّم الناس القرآن...فكان كلّما نزل عليه الوحي حفظ الآية الكريمة أو السورة المباركة، وأمرَ الكُتّاب بكتابتها ثمّ أبلغها الناس، وأقرأها القرّاء واستحفظهم إيّاها...وهكذا كانت الآيات تحفظ بألفاظها ومعانيها." (الميلاني، التّحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشّريف، المقدّمة). كما يورد الميلاني، نقلاً عن كتاب الوافية في الأصول، قول العلاّمة التّوني بخصوص النّصّ القرآني: "والمشهورُ أنّه محفوظٌ ومضبوطٌ كما أُنزل، لم يتبّدلْ ولم يتغيّر". ثمّ يضيف الميلاني: "ولو أردنا أن ننقل كلمات هؤلاء الأعاظم من علماء الشيعة في هذا المضمار لطال بنا المقام ، فمثلاً يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: "وإنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه... وإنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلى هذا إجماعهم. ومن ذهبَ منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى موجود نقصٍ فيه أو تحريف فهو مخطئ يردّه نصّ الكتاب العظيم "إنّا نحنُ نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون"، (الميلاني، التّحقيق في نفي التّحريف).
\n
\nومن بين الآيات الّتي يوردونها لنفي التّحريف يذكرون الآية الّتي تنصّ على أنّ القرآن "لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه" (سورة فصّلت 42). وكما يذكر الطبري في تفسيره لهذه الآية:" لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده، وتبديل شيء من معانيه عمّا هو به. أو كما يضيف القرطبي في تفسيره: "لا يستطيع أن يُغيّر ولا يزيد ولا ينقص". وها هو ابن بابويه، من القرن الرّابع الهجري، يقول أيضًا في كتابه معاني الأخبار: "أجمعت الفرقُ على أنّ القرآن صحيحٌ لم يغيّر ولم يبدّل ولم يزد فيه ولم ينقص منه" (فتح الله المحمّدي، سلامة القرآن من التّحريف، ص 135).
\n
\nإنّ هذه النّظرة القائلة بانتفاء التّحريف عن النّصّ القرآني تستند إلى رؤية النصّ القرآني على أنّه كلام الله المنزل، وهو على هذه الصيغة مثلما نزل على محمد. هذه النّظرة بشأن نهائيّة النّصّ القرآني بوصفه كلام الله الّذي لم يدخله تحريف أو تغيير بأيّ حال هي النّظرة الّتي تحظى بإجماع علماء المسلمين، قديمًا وحديثًا. لكنّ السّؤال الّذي لا نجد مناصًا من طرحه هو، هل تصمد هذه النّظرة أمام ما نقف عليه في تضاعيف النّصوص التّراثيّة الّتي حفظها لنا السّلف؟
\n
\n***
\nوقبل الخوض في الكلام عن سورة الفاتحة، نشاهد أنّ ثمّة خلافًا حول عدد الآيات في هذه السّورة. إذ أنّ البعض لا يعدّ البسملة جزءًا من هذه السّورة. أي، منذ البداية نرى أن ليس ثمّة إجماع على هذا الأمر المتعلّق بسورة لا يتعدّى عدد آياتها السّبع. وهذه البسملة كما في سائر السّور تشكّل فاصلاً فارقًا بين سورة وأخرى، ليس إلاّ. وإذا انتقلنا إلى نصّ الفاتحة ذاته لوجدنا أيضًا أنّ ثمّة خلاف بشأن نهائيّة هذا النّصّ. فها هو البغوي يورد رواية تُظهر اختلافًا بخصوص النّصّ مُستندًا على قراءة عمر بن الخطّاب للفاتحة: "وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين" (تفسير البغوي للآية، وشبيه بهذه القراءة في سنن سعيد بن منصور، وفي كتاب المصاحف لابن داود)، أي أنّ عمر بن الخطاب يقرأ "من" بدل "الّذين"، كما تظهر في النّصّ المتداول بين المسلمين. وفي رواية أخرى يظهر أنّه ليس عمر بن الخطاب فحسب كان يقرأ هذه القراءة، بل أيضًا عبدالله بن الزبير يقرأ الفاتحة قراءة شبيهة(السيوطي: الدّر المنثور، القاسم بن سلاّم: فضائل القرآن). وها هو المجلسي يورد رواية أخرى فيها تأكيد على هذه القراءة: "وقرأ رجل على أبي عبدالله عليه السلام سورة الحمد على ما في المصحف، فرد عليه وقال اقرأ: "صراط مَنْ أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين"، (المجلسي: بحار الأنوار). وكذلك نرى في تفسير القمّي: "اهدنا الصراط المستقيم صراط من انعمت عليهم وغير المغضوب عليهم ولا الضالين".
\n
\nكثيرة هي الأمثلة عن اختلاف القراءات في النّصّ القرآني، ولعلّ المثال الطرّيف التّالي يوضّح كيفيّة حصول هذه القراءات المختلفة، ما يدلّ في نهاية المطاف على أنّ النّصّ المشهور للقرآن قد تعرّض على مرّ السّنوات إلى عمليّة تحرير حتّى وصل إلى هذا الإجماع بخصوص النّصّ الّذي بين أيدينا. فها هو السيوطي يورد رواية الطبري وابن الأنباري عن قراءة ابن عباس بخصوص الآية 31 من سورة الرعد "أفلم يتبيّن الذين آمنوا" فقيل له إنّها في لمصحف "أفلم ييأس"، فقال: أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس" (أنظر: السيوطي، الدر المنثور، ج 4، ص 118. أنظر أيضًا: تفسير الطبري ج 18 ص 136؛ إبن حجر العسقلاني، فتح الباري ج 8 ص 475؛ أبو عبيد، فضائل القرآن، ج 2 ص 123 ح 624). فكم من الكتبة الّذين عملوا على تدوين هذه النّصوص قد غلب عليهم النّعاس على مرّ العقود والقرون بينما كانوا ينقلون هذه النّصوص ويدوّنونها؟
\n
\nثانيًا: المجال اللّغوي – عربيّ
\n
\nيُجمع المسلمون على أنّ القرآن نزل بلغة عربيّة سليمة ومعجزة: "إناّ جعلناه قرآنًا عربيًّا" (سورة الزّخرف ?)، أي، كما يقول الطّبري: "أنزلناه قرآنًا عربيًّا بلسان العرب، إذْ كُنتم أيّها المُنذَرون من رهط محمّد عربًا"، وذلك لكي تفهموا معانيه ومقاصده ومواعظه. "وَلَمْ يُنْزِلهُ بلسان العجم فيجعله أعجميًّا فتقولوا: نحن عرب، وهذا كلام أعجميّ لا نَفْقَه مَعَانِيه"، (تفسير الطبري للآية)، أو: "لأنّ كلّ نبيّ أنزل كتابه بلسان قومه"، (تفسير القرطبي للآية). أمّا ابن كثير فيقول: "أنزلناه بلغة العرب فصيحًا واضحًا... تفهمونه وتتدبّرونه" (تفسير ابن كثير للآية). بل ويذهب البعض إلى أبعدَ من ذلك، حيث يقولون: لقد نزل القرآن عربيًّا لأنّ العربيّة هي لغة الملائكة: "لأنّ لسان أهل السّماء عربيّ"، كما رُوي عن مُقاتل (تفسير القرطبي للآية).
\n
\nلكن، هل تصمد هذه الرؤيا أمام الواقع والحقائق الّتي تعلو من نصّ سورة الفاتحة؟ في الحقيقة بوسعنا أن نقول، إنّ سورة الفاتحة، وعلى قصرها، تحتوي على مصطلحات أعجميّة، وللتّحديد تحتوي على كلمتين ليستا عربيّتين بأيّ حال.
\n
\nأوّلاً: كلمة صراط
\n
\nفكلمة "صراط" الّتي تظهر في الفاتحة ليست عربيّة بأيّ حال. ومثلما عرّف القدماء ماهيّة الكلمة الأعجميّة، فقد ذكر أهل اللّغة أنّ الكلمة الأعجميّة تبقى أعجميّة حتّى وإن نُقلت إلى العربيّة، وهنالك طرق وقواعد مختلفة لمعرفة العجمة في اللّغة العربيّة، وقد وقف عليها السّيوطي في مؤلّفة "الاقتراح في أصول النّحو". ومن بين هذه الطّرق: أن يُعرَف بالنّقل عن إمام من أئمّة العربيّة، أو أن يكون خارجًا عن أوزان الأسماء العربيّة، أو أن يكون أوّله نون ثمّ راء مثل كلمة "نرجس"، أو أن يكون آخره دال بعدها زاي، مثل كلمة "مهندز"، أو أن يجتمع فيه الجيم والصّاد مثل كلمة "صولجان"، أو الجيم والقاف، مثل "منجنيق"، أو الصّاد والطّاء مثل "صراط"، وغيره. أي أنّ اجتماع الصاد والطاء في كلمة "صراط" هو الدّليل على كون هذه الكلمة أعجميّة، وليست لسانًا عربيًّا مبينًا. وفي الحقيقة فإنّ أصل هذه الكلمة يعود إلى اللاتينيّة (strata)، أي الطريق المشقوقة المستقيمة، ومن اللغة اللاّتينية انتقلت الكلمة إلى العربيّة، فتصحّفت من "صطراطا"اللاتينية لتصبح صراط بالعربية. وقد وقف المفسرون الأقدمون على ذلك أيضًا كما نقرأ لدى القرطبي والسيوطي: "الصراط: حكى النقاش وابن الجوزي أنه الطريق بلغة الروم." (القرطبي: تفسير الآية، السيوطي: الإتقان في علوم القرآن).
\n
\nوهنالك الكثير من المفردات الأجنبيّة في النّصّ القرآني: "وقال أبو بكر الواسطي في كتابه الإرشاد في القراءات العشر: في القرآن من اللغات خمسون لغة... ومن غير العربية: الفرس والروم والنبط والحبشة والبربر والسريانية والعبرانية والقبط" (السّيوطي، الإتقان في علوم القرآن). كما أنّ هنالك من يرى أنّ كلمة صراط هي تعريب لجينواد الفارسيّة الّتي تعني الجسر.
\n
\nثانيًا: كلمة رحمن
\n
\nفلو ذهبنا إلى لسان العرب نتوخّى الوصول إلى أصل هذه الكلمة ومدلولها، فماذا نجد؟ "قال الزّجّاج: الرّحمن اسمٌ من أسماء اللّه عزّ وجلّ مذكورٌ في الكتب الأُوَل، ولم يكونوا يعرفونه من أسماء اللّه. قال أبو الحسن: أراه يعني أصحاب الكُتب الأُوَل. قال الأزهري: ولا يجوز أن يُقال رحمن إلاّ لله عزّ وجلّ. وحكى الأزهري عن أبي العبّاس في قوله -الرّحمن الرّحيم-: جمعَ بينهما لأنّ الرّحمن عبرانيّ والرّحيم عربيّ". (لسان العرب: مادة رحم). وبمثل هذا الرأي يروي السيوطي عن المبرد وثعلب بشأن كلمة الرحمن: "ذهب المبرد وثعلب إلى أنّه عبراني وأصله بالخاء المعجمة" (السيوطي: الإتقان في علوم القرآن). أي أنّ كلمة رحمن ليست عربيّة وإنّما هي مأخوذة من الكتب الأول، أي من التوراة العبريّة، كما يذكر الأقدمون.
\n
\nمن هنا يتّضح أنّ سورة الفاتحة، على قصرها، تحتوي على كلمتين لا يمكن أن نطلق عليهما "لسانًا عربيًّا مبينًا"، فواحدة لاتينيّة - أي أعجميّة، والعجمة ليست من البيان وليست من السّحر كما يقول العرب، والكلمة الأخرى من العبرانيّة. إنّ كلمة رحمن العبرانيّة هي بالحاء، أمّا السيوطي فينقل عن ثعلب والمبرد بأنّ أصلها عبراني بالخاء المعجمة، كما لو أنّ هؤلاء قد سمعوها بلكنة أوروبيّة أشكنازيّة، حيث يلفظ هؤلاء الحاء العبريّة خاء لصعوبة نطقها عليهم.
\n
\nثالثًا: المجال المفاهيمي
\n
\nنصل الآن إلى نقطة فهم هذا النّصّ المؤسّس في العقيدة الإسلاميّة.
\n
\nيُجمع علماء المسلمين على أنّ القرآن ذاته هو الأداة الأولى لتفسير ما التبس من نصوص فيه. فإذا التبس نصّ منه يُطلب تفسيره في نصّ آخر من نصوص القرآن، وما لم يُعثر على تفسير له في النّصوص القرآنيّة فإنّ السنّة النّبويّة هي الّتي تفسّر القرآن. ولمّا كانت سورة الفاتحة هي ذات مكانة مركزيّة في العقيدة الإسلاميّة، كما روي عن الرّسول: "هي السّبع المثاني والقرآن العظيم الّذي أوتيته"، كما أخرج البخاري في الصّحيح، فإنّ تفسيرها يشكّل كاشفًا لبواطن هذه العقيدة. فإذا كان الصّراط يعني الطّريق البيّن الواضح، فما هو؟ روى البغوي: "الصراط المستقيم: قال ابن عباس وجابر: هو الإسلام وهو قول مقاتل، وقال ابن مسعود: هو القرآن وروي عن علي مرفوعا: -الصراط المستقيم كتاب الله-. وقال سعيد بن جبير: طريق الجنة ، وقال سهل بن عبد الله: طريق السنة والجماعة ، وقال بكر بن عبد الله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو العالية والحسن: رسول الله وآله وصاحباه." (البغوي، معالم التنزيل). بينما تباينت الآراء فيما يخصّ المنعم عليهم ، كما روى القرطبي: "واختلف الناس في المنعم عليهم، فقال الجمهور من المفسرين: إنه أراد صراط النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين." (القرطبي: تفسير، السيوطي:الدّر المنثور).
\n
\nأمّا المغضوب عليهم والضّالّون فقد أجمع المفسرون على أنّ: "المغضوب عليهم - هم اليهود والضالون هم النصارى، لأن الله تعالى حكم على اليهود بالغضب...وحكم على النصارى بالضلال" (البغوي: معالم التنزيل، وكذلك في السيوطي: الدر المنثور، والقرطبي وابن كثير والطبري وسائر جماعة المفسّرين).
\n
\nولا يقتصر الأمر على المفسّرين القدماء والسّياقات التّاريخيّة القديمة، إذ أنّنا نرى حتّى الآن إجماعًا على هذا التّفسير، فحتّى كتب الأطفال الّتي تتطرّق للعقيدة مثل كتاب "تفسير القرآن الكريم" الّذي أعدّه سبعة من الأساتذة والعمداء في الأزهر وحظي بموافقة مجمع البحوث الإسلاميّة يذكر أنّ المغضوب عليهم "هم اليهود وأشباههم"، وأنّ الضّالّين "هم النّصارى وأشباههم".
\n
\nربّما كنّا الآن بحاجة إلى تفسير مصطلح "أشباههم" هذه الّتي ترد في تفسيرات أساتذة الأزهر لسورة الفاتحة.
\n
\nوأخيرًا، إذا كانت السّورة جامعة لكلّيّات العقيدة الإسلاميّة كما ذكرنا، وأنّ صلاة المسلم لاغية بدونها، فما هو السّبيل المتبقّي أمام المسلم لحوار مع الحضارات الأخرى، في الوقت الّذي يعلّم فيه الأطفال منذ الصّغر على هذه النّظرة تجاه الآخر؟
\nوالعقل وليّ التّوفيق!\r\n \r\n \r\n
\r\n

الموضوع الأصلي :\r\nمدونة القران الكريم || الكاتب :\r\nبحـہة بكـى. || المصدر :\r\nشبكة همس الشوق

\r\n\r\n
\r\n
\r\n
\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n\r\n
\r\n

 \r\n
\r\n\r\n\r\n

\r\n
\r\n
\r\n\r\n\r\n
\r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n توقيع : بحـہة بكـى.\r\n
\r\n
\r\n\r\n\r\n
\r\n\r\n
قديم 7 - 8 - 2014, 12:48 AM   #11



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4553يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله baunty
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى. غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة القران الكريم



يا لهذه العظمة القرآنية في بناء المجتمع، وتقوية آواصره.


مقدمة: القرآن نور الحياة:
يقف المبتهلون الضارعون إلى الله متلهفين يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً، وينشدون بصائر القرآن لتنير حياتهم فيتألقون بنوره الذي يمشون به في الناس.. عسى أن يجدوا سبل السلام .. ويأخذوا منها أعمدة السعادة في أزمنة الظلام.
البصائر القرآنية هي أهم أعمدة الفوز لبناء الحياة، واتقاء المشكلات، والنجاة في الفتن المضلات، وبدونها يقع الإنسان في العمى والدمار، ويتردى في الهلاك والبوار {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} (الحج:31)، ويتلبط بدونها المرء تلبط الغريق، ولذا قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}(الأنعام:104)، وفي مسلم: ((أَما بعد: أَلا أيها الناس! فَإنما أنا بشر يوشك أن يأتى رسول ربى فَأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلينِ أولهما كتاب اللَّه فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به)). فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: ((وأهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى. أذكركم الله فِى أهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى)) فالوصية بالقرآن للتمسك به، والوصية بأهل البيت لبرهم ومعرفة حقهم ما داموا بالكتاب متمسكين، وعند ابن حبان عن أبي شريح الخزاعي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا وأبشروا. أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟)) قالوا: نعم قال: ((فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا))


من بصائر القرآن وأنواره في البناء الاجتماعي والسياسي: مكانة الأخ المسلم هي مكانة النفس.
عظَم الله سبحانه مكانة الأخ المسلم من أخيه تعظيماً عجيباً ثم فصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وطبقه، فأما في القرآن فإننا نجد وصف (الآخر المسلم) بوصف فريد هو (النفس) حيث جعل الله مكانة الأخ من أخيه كمكانة نفس الإنسان من صاحبها.. فماذا يريد الإنسان أن يصنع لنفسه من خيرٍ ويقيها من شرٍّ وضير فليصنع لأخيه ذلك، فلنرصد ذلك في النظم القرآني الفريد:


الموضع الأول: قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ}(البقرة: 54)
فالمراد من قوله {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} نفس كل إنسان حقيقة لكن المراد بقوله {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}(البقرة:54) هو اقتلوا إخوانكم الذين هم بمثابة أنفسكم، ولذا روى الطبري عن ابن عباس قال: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم، قال: فاحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكفوا على العجل، وأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضا، وروى عن سَعِيد بْن جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِد قَالاَ: "قَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالْخناجِر يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لاَ يَحِنُّ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ قَرِيبٍ وَلاَ بَعِيدٍ".
والآية تحتمل أن يقتل الإنسان نفسه كما يفعل المنتحر لكن ذلك لم ينقله المفسرون ولا أوَلوا به هذا الموضع، فالشاهد جعل الأخ بمثابة النفس.. ترى أين نحن من آثار هذا المصطلح القرآني الفريد؟.


الموضع الثاني: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُم}(البقرة:84).
فالمراد من كلمة (أنفسكم) أي إخوانكم لأن الإنسان لا يخرج نفسه من داره بل يُخرجه غيره، ولذا قال بعدها: {وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(البقرة:85).
فكأن الله تعالى يقول لا تخرجوا إخوانكم الذين هم بمثابة أنفسكم .. هل أحد منكم يقبل بأن يُهَجِّر نفسه من داره ويسلمها لأعدائه أو لخصومه؟
يا لروعة البناء القرآني لعلاقة المسلم بأخيه المسلم! فمن يحيى هذا المنهج القرآني في هذه الأيام بين الأفراد والجماعات والقبائل والأحزاب والدول؟


الموضع الثالث: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ}(البقرة:85)، وهم في الحرب لا يقتلون أنفسهم بل يقتلون إخوانهم، ولكنه بَشَّع ما يفعلون بإخوانهم وشنَّع كأنهم يقتلون أنفسهم، كما أن التعبير يدل على ما يجب أن يكون من العطف واللطف والمحبة تجاه (الآخر المسلم)، وصورت الآية هذه الصورة العجيبة التي تجعل مباشر الاعتداء يرتدع عن عدوانه لأنه لن يعتدي على أخيه بل على نفسه.


الموضع الرابع: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة:188) فقد قال الطبري: "قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضُكم مالَ بعض بالباطل. فجعل تعالى ذكره بذلك آكلَ مال أخيه بالباطل، كالآكل مالَ نَفسه بالباطل".
فلا يوجد من يأكل ماله بالباطل فالإنسان يأكل ماله بالحق، والباطل حرق للمال وإتلاف للثروة بالظلم والإنسان لا يفعل هذا بماله، فيكون معناها يعني لا تأكلوا أموال إخوانكم، ولكنه نسب الأموال إليهم كأنه يقول كما لا تحبون أن يأكل أحدكم مالكم كذلك لا تأكلوا أموال غيركم وحقوقهم.


الموضع الخامس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}(النساء:29)، وفيها الكلام السابق.


الموضع السادس: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}(النساء:29)
فقد ذكر المفسرون في قوله : (ولا تقتلوا أنفسكم) عدة معانٍ، ومن أوجهها ولا يقتل أحدٌ منكم أخاه، وتحتمل معانٍ أخرى مثل الانتحار بأن يقتل الإنسان نفسه، إلا أن من معانيها أن لا يقتل بعضكم بعضا، روى السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور عن مجاهد وعطاء وعكرمة: {ولا تقتلوا أنفسكم} لا يقتل بعضكم قال: بعضا، وفي تفسير مقاتل بن سليمان: "لا يقتل بعضكم بعضا ؛ لأنكم أهل دين واحد".


الموضع السابع: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}(النور:12) والإنسان -غالبا- يظن بنفسه خيرا فالمقصود هنا ظنوا بإخوانهم، وكأن الله يقول: كما لا يحب الإنسان أن يظن به غيره إلا خيراً كذلك يجب أن يظن الأمر ذاته بغيره، فلا يظن به سوءا ولا يتكلم عنه إلا خيراً كما لا يحب أن يتكلم أحدٌ عنه إلا بالخير، ولذا قال الطبري: "وهذا عتاب من الله تعالى ذكره أهل الإيمان به فيما وقع في أنفسهم من إرجاف من أرجف في أمر عائشة بما أرجف به، يقول لهم تعالى ذكره: هلا أيها الناس إذ سمعتم ما قال أهل الإفك في عائشة ظن المؤمنون منكم والمؤمنات بأنفسهم خيرا... وقال: (بأنفسهم)، لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحدة، لأنهم أهل ملة واحدة".

الموضع الثامن: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}(النور:61) والإنسان إذا دخل على بيت أحد من الناس فإنه يسلم على أهلها، وليس على نفسه، فقد قال الله في البداية: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}(النور:27) فجعل الله أهل البيوت بمثابة الأنفس، وقد روى الطبري عن الحسن وابن زيد في قوله:(فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) قال: إذا دخل المسلِّمُ سُلِّم عليه، كمثل قوله:(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) إنما هو: لا تقتل أخاك المسلم.


الموضع التاسع: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُم}(الحجرات:11) والإنسان عندما يلمز لا يمكن أن يلمز نفسه إنما يلمز غيره، إلا أن الله جعل الغير بمثابة النفس، ولذا قال الطبري : "وقوله(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) يقول تعالى ذكره: ولا يغتب بعضكم بعضا أيها المؤمنون، ولا يطعن بعضكم على بعض...فجعل اللامز أخاه لامزاً نفسه، لأن المؤمنين كرجل واحد فيما يلزم بعضهم لبعض من تحسين أمره، وطلب صلاحه، ومحبته الخير"، وقال القرطبي: " اللمز باليد والعين واللسان والإشارة. والهمز لا يكون إلا باللسان، وهذه الآية مثل قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}(النساء:29) أي لا يقتل بعضكم بعضاً، لان المؤمنين كنفسٍ واحدة، فكأنه بقتل أخيه قاتلٌ نفسه... والمعنى: لا يعب بعضكم بعضاً... وفي قوله{أَنْفُسَكُمْ} تنبيهٌ على أن العاقل لا يعيب نفسه، فلا ينبغي أن يعيب غيره لأنه كنفسه..."
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا وفصله ففي مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مثل الْمؤمنينَ في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الْجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الْجسد بالسهر والحمى))، وفي البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) أي كما تحب لنفسك ينبغي أن تحب لأخيك . فأنت أذا أحببت لنفسك الولد والسيارة والزوجة والعيش الكريم كذلك يجب أن تحب لأخيك.


فانظر لهذه الجوهرة القرآنية الفريدة: الأخ المسلم هو النفس، ولاحظ الفرق عندما تقول: أنت أخي أو عندما تشعر أنه نفسك التي بين جنبيك، "فَمَا أَبْلَغَ هَذَا الْإِيجَازَ ! وَمَا أَجْدَرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ بِوَصْفِ الْإِعْجَازِ !".


تنبيه: من أهم مقتضيات هذه الكلمة أن يحب الإنسان الخير الدائم في الدين والدنيا لأخيه لأن حقيقة ذلك أنه يحبه لنفسه، ومن أعظم الخير نصحه ومعاتبته ومراجعته ليرجع إلى الخير الذي يفترض أن يكون حياته ودأبه، وليس النصح طعناً بأي حال من الأحوال، وهذا النصح قد يتخذ شكلاً سرياً ما دام الخلل فردياً، وقد يتخذ طابعاً علنياً إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك كأن يكون الخلل فردياً ولكنه خلل علني تقتضي المصلحة إصلاحه علناً، أو كان الخلل جماعياً معلناً فإن المصلحة تقتضي العلنية غالباً، وقد يتخذ النصح والمعاتبة طريقاً لطيفاً رفيقاً وهو الغالب في الأسلوب الإسلامي، ولكنه أيضاً قد يتخذ طابعاً فيه شدة مناسبة لمقتضى الحال حيث لا يتم الارعواء والانزجار إلا به، والتفريق بين هذه الأنواع مفصلة في غير هذا المكان، والموفق فيه من رسخ علمه، وعلا خلقه، وصدقت عاطفته، ووفقه الله فأحبه. اللهم اجعلنا من الموفقين من أوليائك بفضلك ورحمتك.


 توقيع : بحـہة بكـى.



رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مدونة, الكريم, القران

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لفظ ضلل في القران الكريم حنين الأشواق همس القرآن الكريم 3 23 - 9 - 2021 12:54 AM
القران الكريم همس الشوق همس القرآن الكريم 11 23 - 9 - 2021 12:28 AM
القران الكريم السبع المثاني للقران الكريم همس الشوق همس القرآن الكريم 10 28 - 5 - 2018 07:29 PM
فضل القران الكريم الصافي نفحات اسلاميه 12 10 - 2 - 2015 07:05 AM
القران الكريم همس الشوق همس القرآن الكريم 4 30 - 1 - 2014 08:36 AM


الساعة الآن 02:26 PM


جميع الحقوق لشبكة همس الشوق
sitemap

SEO by vBSEO