العريكة واللقيمات والتنور أشهى المأكولات على مائدة الإفطار
"رمضان عسير".. سمر وسـياحة وعادات وتقاليـد مـوروثة
اشتهرت منطقة عسير بالجبال الشامخة مترامية الأطراف التي تتخللها أودية وشعاب وأودية في غاية الجمال وطقس شديد الروعة وأصحاب أرض غاية في الأصالة والشهامة يتميزون بعادات بسيطة يتوسطها تقاليد مختلفة عن أي منطقة أخرى داخل المملكة العربية السعودية، هذه العادات والتقاليد تظهر في كل حين إلا أنها تتلألأ وتظهر بوضوح وبقوة وتجدد عند قدوم رمضان هذا الشهرالكريم، فالمحبة والتآلف وصلة الأرحام وكثرة العبادة آسمى أيات اهل العسير تجد منازلهم مليئة متزينة بالفرحه يتسمارون ويتحاكون ويتسامحون تلك السمات التي يتوارثها أهل عسير وما تتضمنه من جمال يبهج من يشاهدها ويتعجب في خلق الله عزل وجل وفي مخلوقاته.
استقبال رمضان.. عادات وتقاليد
لم تكن العادات والتقاليد التي تميز بها أهالي عسيرفي هذا الشهر الكريم قبل نحو نصف قرن من الزمن تتضمن اختلافاً كثيراً عن ما يقومون به الآن فكانت العسير قديماً وبمجرد دخول رمضان يتم الإعلان عنه من خلال إطلاق أعيرة نارية كثيفة من البنادق في أحد رؤوس الجبال الشاهقة أو إشعال النيران في الهضاب المرتفعة، تلك العادة كانت تستخدم أيضا لإبلاغ الناس بدخول العيد أو اقتراب موعد السحور أو ظهور مناسبة سعيدة.
ومازالت عادة إشعال النيران في الوقت الحالي على أسطح المباني والمنازل بعد انقراض فكرة إشعالها على الجبال والهضاب مستمرة لأنها تعد الخطوة الأولى من مراحل استعدادات الشهر الكريم وبعد تعميم الخبر تبدأ الاستعدادات المنزلية التي يتشارك بها الرجال والنساء لاستكمالها وتبدأ التهاني بين الجيران بعضهم البعض فرحاً بقدوم هذا الشهر وتكثر الزيارات الأسرية طيلة الشهر وجلسات تحتوي على الذكر والإيمان والأدب بين صفوف الأبناء من الجيران كوسيلة لقضاء أوقاتهم في التقرب إلى الله وعبادته.
ومن جانب آخر، يقوم الأطفال الصغار بطرق أبواب المنازل مع قرب موعد الإفطارويستقبلهم الآباء والأمهات بفرحة وترحيب ويقدمون لهم ما يريدون من أطعمة ومشروبات لإسعادهم وكسب أجر إطعام صائم .
وكانت النساء العسيريات أكثر اهتماماً بتجميل المنزل من الخارج وهو ما يعني تبييض المنزل من الخارج بمادة تبييض بديلاً عن الدهانات، فهي مادة مكونة من الجير الأبيض الذي يخلط بالماء ويتم دهن المنزل بأشكال جمالية تساعد على زيادة نضارة المنزل وكذلك داخل الأحواش. وتقوم الأسر باستقبال رمضان باحتفالية قرآنية جميلة تجمع الكثير من الجيران في حين أن كافة منازلهم لا تخلو من قراءة القرآن وإحياء المساجد.
مدفع رمضان.. ظاهرة انقرضت
كان أهالي منطقة عسير قديماً يفطرون على أصوات مدفع رمضان الذي ينطلق مع أصوات المؤذنين حيث مؤذن الجامع الكبير في أبها الواقع في "رأس مملح" يرفع قطعة من القماش الأحمر ليراها المسؤول عن إطلاق قذيفة المدفع فيقوم بإطلاق القذيفة ليسمعها كل من يصل إليه صوت المدفع، ومع مرور الوقت تحولت إلى مصباح أحمر بدلاً من القماش بعد دخول الكهرباء إلى المنطقة وكان المدفع ينصب في الجبال العالية مثل جبل شمسان والجبل الأخضر، ومع تغير الأوضاع اختفت ظاهرت المدفع ولم يكن لها تواجد.
الأكلات الرمضانية في عسير
وأما عن الأكلات الشعبية الرمضانية التي يتناولها أهالي العسير في مختلف موائدهم من إفطار وسحور أيام شهررمضان عادات موروثة بين أبنائهم تعطي طابعاً خاصاً في نفوسهم ومذاقاً مختلفاً عن غيره من الشهور الأخرى، كما أن هذه الأكلات تتواجد في جميع مدن عسير لكن الاختلاف يبدو في المسميات حيث كانت مائدة الإفطار في عسير تحوي أطباق "الشوربة والعريكة واللقيمات"، فيتناولونها سوياً ثم يجتمعون ليلاً في أحد المنازل ليتسامروا بعض الوقت إلى أن ينصرفوا للنوم حتى يحين موعد السحور والذي تتميز مائدته أيضا بوجود الخبز البلدي والسمن واللبن بجانب أنواع الفاكهة المحلية وأنواع المشروبات مثل القشر والسنوت والحبق والنعناع.
ومن ناحية أخرى، تجد أهالي مدينة أبها يتناولون في وجبة الافطار ما يسمى "الحنيذ البلدي" وهو نوع من اللحوم التي تدفن تحت الأرض وخبز الميفا والمقصود به "خبز التنور" بجانب خبز الشعير والذرة وبعض أنواع الفاكهة المحلية، كما تجد في تلك المدينة الكثير من النساء يقمن بتصنيع هذا المأكولات وبيعها بالأسواق الشعبية للراغبين في المأكولات الجاهزة.
وفي مدينة رجال ألمع، تجد الأصناف التي تقدم على مائدة الإفطار مختلفه وهي تتضمن "المفش وهو عبارة عن "لحم ومرقة وطماطم"، كذلك خبز الخميرة وهو يشبه الذرة ولكنه يميل إلى اللون الأحمر أيضاً الحلبة وخبزالموسم وأيضا العصيدة "الثريد" والسمن واللبن والعسل والمرق والخبز بأنواعه المختلفة والمسيلة التي تصنع من دقيق الذرة ولها طعم خاص ومميز كما أن من عادات أهل المنطقة هو التجمع العائلي على مائدة الإفطار عند أحد الأقارب والعوائل والأسر لقضاء أوقات جميلة بينهم.
عيد الفطر
وعيد الفطر في عسير له مذاق خاص وفرحة كبيرة جدا، حيث يتم الإعلان بإطلاق الأعيرة النارية من البنادق بعد ظهور رؤية الهلال ويحتفلون وسط فرحة تعم البيوت والأماكن، كما يحرص الأهالي على شراء حلوى العيد التي تشكل مظهراً اجتماعياً عند تقديمها للضيوف.
وفى أول أيام العيد يخرج أهل عسير لتوزيع الزكاة قبيل الصلاة وهي عادة يتمسكون بها وبعد أداء صلاة العيد والخروج من المسجد الجميع يصافح الجميع وتسود روح التآلف والمحبة بينهم، بعد ذلك يخرج الجميع إلى جميع منازل القرية منزلاً تلو منزل وتبدأ بعدها تقديم الوجبات بالتناوب بين الأسر والتي اعتاد أهالي المنطقة الجنوبية خلال الأعياد، كما يتناول الأطفال الحلوى ويمارسون الألعاب الرياضية ويجتمعون في منازل جيرانهم ليتبادلوا التهاني بينهم بعيد الفطر.