أتيحت لي فرصة ذهبية لإكتشاف جرة ملقة أو غرناطة أثناء سفرتي لمدة ثلاثة أسابيع إلى مدينة Sankt Peter Ording الواقعة على بحر الشمال لإجراء فحوصات طبية و تمارين رياضية في مصح أو مستشفى
هامبورغ الصحي
Gesundheitsklinik "Stadt Hamburg "في الفترة الواقعة ما بين 17 سبتمبر إلى 8 أكتوبر 2008 .
فرد علي سيادته قائلا : " لدى المتحف جرة خزفية أندلسية مصنوعة في ملقة أو غرناطة في القرن الخامس أو السادس عشر الميلادي ، كما لدى المتحف كتاب عربي قديم محفوظ في أرشيف المتحف في مبنى دار بلدية سانت بيتر أوردنج St. Peter Ording نريد التأكد من عنوان و فحوى الكتاب . ثم ذهبنا إلى قاعة المتحف رقم 14 فشاهدت الجرة الأندلسية شامخة متلألئة في القاعة على الرغم من رداءة الإنارة .
بدأت أفكاري و مشاعري تتطاير و تدور في ذاكرتي عما شاهدته مرات في قصر الحمراء بغرناطة و في أشبيلية و قرطبة و طليطلة و غيرها من الآثار الإسلامية العريقة و القطع الفنية الأثرية النادرة فكأنها فلم رائع مر أمامي مر الكرام . لحظات شوق إلى معالم حضارتنا الإسلامية الفاخرة التي انتشرت في آثارها و معالمها في كثير من مكتبات و متاحف و كنائس و مساجد الدول التي زرتها شعرت بها جدا . كما ذكرتني جرة ملقة أو غرناطة بالأسطرلاب المغربي الذي عاشرته و فحصته و صورته بعدة أفلام لمدة أسبوع كامل أسحرني بروعة صناعته الدقيقة بعد أن قمت بفك كل أجزائه و صفيحاته و شبكته و طوقه و التي صورتها الواحدة بعد الأخرى .
و في تلك اللحظات السعيدة في المتحف بجانب الأستاذ الفاضل الدكتور ديتر أون دويتش و أمام الجرة إلتقطت عدة صور لها من كل الجوانب بكامرتي المتواضعة .
وقد وعدني الدكتور أون دويتش بتزويدي بعض المعلومات عن قصة هذه الجرة الأندلسية الثمينة و كيفية وصولها إلى المتحف و حددنا موعدا في الساعة الثانية بعد ظهر يوم 30 / سبتمبر / 2008 ليقلني إلى أرشيف المتحف في داربلدية سانت بيتر أوردنج في حي
القرية Im Dorf .
شكرت الأستاذ الفاضل الدكتور أون دويتش على مرافقته إياي و شرحه الوافي عن الجرة ، ثم ودعته و خرجت مهرولا إلى موقف الباص الذي ينقلني إلى المصح لتناول طعام الغداء و القيام ببعض الواجبات الصحية في الساعة الثانية عشر ظهرا . و بعد تناولي طعام الغداء قررت الذهاب إلى المتحف لتصوير الجرة مرة أخرى بعدة لقطات قريبة و بعيدة لغرض محاولتي قراءة الزخارف و الكتابات العربية المتشابكة على حزام الجرة في الوسط ، و المتأثرة بالعوامل الخارجية والطقس لعدة قرون . كما قمت بكتابة المعلومات الألمانية المعلقة على جدار المتحف بالقرب من الجرة .
و في اليوم الثاني ذهبت بالباص إلى حديقة الحيوانات لتصوير الفقمة لكني لم أجد إلا أعدادا قليلة ، ثم أسرعت إلى المتحف مرة أخرى و صورت الجرة عدة مرات و سلمت السيدة المسؤولة بعضا من مؤلفاتي لمكتبة المتحف التي يسعى الدكتور أون دويتش دعمها .
سلمني الدكتور أون دويتش مشكورا بعض المعلومات و المقالات القصيرة عن قصة إنتقال الجرة من ملقة أو غرناطة إلى ألمانيا و وصولها إلى هذا المتحف .
و في يوم خروجي من المصح قررت الذهاب إلى المتحف للمرة الرابعة لتسليم كتبا أخرى إلى المتحف و قمت بتصوير الجرة أربع لقطات بالفلاش .
" يبلغ إرتفاع مقبض الجرة 21 سنتيمترا . والجرة تتكون من قطع فخار ملونة باللون الرمادي المائل للحمرة . إن مقبض الجرة و رأس فوهتها
( قمة فوهتها ) ساقطتان و قد تأثر طلاء الخزف القصديري الملون باللونين الأزرق الفاتح و بلمعان بني أخضر بالتأثيرات و العوامل الخارجية التي أدت إلى إختفاء بعضها أو جعلها خافتة شاحبة . و بالرغم من ذلك يمكن معرفة الأشكال و الزخارف المرسومة على رقبة و جسم الجرة بأنها تحمل طابعا نسخيا للكتابة العربية التي لا يمكن تمييزها كما هو المعتاد عند مالكي القطعة .
تشير رسوم رقبة الجرة إلى نماذج من قشور ( سنط ) السمك ، كما تشير قاعدة الجرة إلى حافة مخطوطة بخطوط مائلة .
لا يمكن مقارنة جرتنا الصغيرة بالفن الإغريقي الرائع في صناعة الجرات التي استخرجت من أعماق بحار الإغريق من وقت لآخر، ولكن لهذه الجرة قيمة كبيرة كدليل بالنسبة لنا لإحترام و تثمين قيمتها ، إذ يسرنا أن نجد في شمال ألمانيا القطعة الأثرية الأسبانية – الأندلسية المصنوعة منذ 500 سنة .
( راجع مقالة :
Friedrich Sarre : Ein Fund spanisch-maurischer Keramik aus dem Eiderstedter Wattenmeer. In :
Nordelbingen, Band 12 ( 1936 ), 118 – 123 .
و في مقالة رائعة مطولة مفصلة للدكتور بيتر اون دويتش و ما قاله لي شفهيا أن جرة ملقة أو غرناطة وجدت في شهر آذار عام 1931 ميلادية في إحدى الحفرتين أو البئرين بالقرب
فيلهلم ينسن Wilhelm Jensen مدير متحف متحف آيدرشتيدت الوطني في مدينة توننج
( Eiderstedter Heimatmuseum ) و إيريش فولنبيرج ( Erich Wohlenberg ) خبير بالعلوم الطبيعية من مدينة هامبورغ .
وبسبب الأعاصير والفيضانات و بتأثيرات المد والجزر التي اجتاحت هذه المنطقة تحرك جريان الماء على طول الخط الساحلي الجنوبي ديتمار ضد التيار . أما الماء الجاري يواجه بادئ الأمر حركة من خط الساحل الشمالي المقابل عند آيدر شتدت .
أن تبادل و تغيير الفيضان له تأثير كبير على سرعة و كمية مياه نهر آيدر الجارية .
( راجع مقالة الدكتور ديتر أون دويتش
Dieter Undeutsch : " Gute Ergebnisse brachte das Watt vor Kating " Der Maurische Krug. In:
صورة كعب الجرة ربما فيها إسم توقيع الصانع او المصنع
فلم أتمكن من التعرف على الرموز أو الخطوط الباقية .
فلو كانت الجرة في متناول يدي لحاولت متابعة إمتداد خطوط الحروف الهجائية وتداخلها مع بعضها و باستعمال عدسة مكبرة .
و خلال عدة أيام حاولت تكبير الصور على شاشة حاسوبي فلم أوفق من معرفة نص الكتابة العربية كاملا للأسف الشديد لأن الكتابة غير واضحة و مائلة و متداخلة .
و ختاما أتمنى أن أكون قد وفقت في تعريف عالمنا العربي و الإسلامي على وجود هذه الجرة الأندلسية ( جرة ملقة أو غرناطة ) في هذا المتحف الصغير والجميل في حي القرية Im Dorf في مدينة سانت بيتر أوردنج الساحلية ، آملا أن تلقى جهودي المتواضعة من لدن الأخوات و الإخوان حسن الرضا و القبول و كذلك من السادة الباحثين و المختصين في الآثار في متاحفنا العربية كل الإهتمام و الإستحسان ، والله ولي التوفيق .
عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من
اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .
رد: إكتشافي جرة غرناطة في متحف Museum der Landschaft Eiders
حضرة الأخت الفاضلة دلوعة كيوت المحترمة حفظك الله و رعاك سعدت جدا بحضورك البهي و بمشاركتك الرائعة التي سعدت بها واعتذر منك ومن الجميع ل اخير الرد لغيابي الطويل لآسباب طارئة دمت بحفظ الله و رعايته تقبلي مني عاطر تحياتي و شكرا لك يا أختي
رد: إكتشافي جرة غرناطة في متحف Museum der Landschaft Eiders
عزيزتي الأخت الكريمة همسة الشوق المحترمة أسعدك الله في كل أوقاتك و حفظك
نورت الصفحة بإطلالتك البهية و بقبس كلمات مشاركتك الرائعة التي أسعدتني ربي يسعدك و يهنيك لك مني خالص ودي و تقديري و شكرا لك يا أختي د .عدنان ألمانيا في 24 أكتوبر 2016
رد: إكتشافي جرة غرناطة في متحف Museum der Landschaft Eiders
حضرة الأخت الغالية عزتي أجمل صفاتي المحترمة أعزك الله و حفظك نورت الصفحة بحضورك الكريم و يمشاركتك الأكثر من رائعة التي سعدت بها لك مني كل الشكر و الإمتنان تقبلي مني عاطر تحياتي و شكرا لك يا أختي