نظر إليّ قليلًا ثُم أشار بيده على أن أُفسح المجال له للجلوس على طرف سريري الأبيض
إمتثلتُ لأوامره فجلس بالقُرب مني .. وأغمض عينيه فبدأ بالكلام بلهجة مغرورة تنُم عن البطولية التي يحسبها إحدى صفاته !
~
~
نظر إليّ قليلًا ثُم أشار بيده على أن أُفسح المجال له للجلوس على طرف سريري الأبيض
إمتثلتُ لأوامره فجلس بالقُرب مني .. وأغمض عينيه فبدأ بالكلام بلهجة مغرورة تنُم عن البطولية التي يحسبها إحدى صفاته !
- عندمـا رأيتكِ كالبلهاء واقفة أمام تلك السيارة المُسرعة دون حراك .. كُنت أعلم أنكِ بإنتظار البطل – الذي هو أنا – ليَهُب للمُساعدة
- سُحقًــا لك فلتتكلم بجدية !
- أووه حسنًاً ، لا أعلم كيف فعلتُ ذلك ولـِمَ عرضت حياتي للخَــطر .. إلا أن رؤيتكِ بتلك اللحظة واقفة بخوف لا تعلمين مالذي يجب فـِعله .. شَجعتني أن أدفع بنفسي إليكِ لإنقاذكِ .. إنني أقولها بجدية الآن !
- حسنًا .. أكمل
- دفعتٌــك بقوة للأمام لتصطدمي بالناصية أما أنا فقد إصطدمت بالسيارة لأطير بعيدًا وأصطدم مرة أُخرى بعمود الإنارة ..
لذلك قد كُسرت ساقي .. أما يدي فلقد أصبحت كخريطة الكُرة الأرضية من الكدمات التي تلونت بها ..
حَل الصمت فترة قصيرة جدًا .. بالأحرى ماتُقارب الدقيقتين ثُم عاد للقول بغضب
- وكُل هذا بسببـِك !
- آسفة ..
- لا بأس ..
- يا شباب .. كفاكُمــا ثرثرة ، أزعجتُماني بقصصكم البطولية الرومانسية .. المُستشفيات لا تصلُح للمواعدة خصيصًا بغُرف مُلئت بالمرضى !
كان ذلك صوت تذمر إحدى العجائز التي يبدو عليها أنها ليست من النوع اللطيف إطلاقًـا
نهض ريو بهدوء وحَذر من على سريري وهو يضحَك ..
لا أعلم لـِمَ فعلتُ ذلك ورميتُ بكومة الخجل والغضب على رأس ريو حيثُ قُلت
- لا تضحك ياوجه القطــة !
إلتفت إليّ بسُرعة والغضب العآرم قد إكتسحه
- ماذا ؟ أظنُ أنني لم أسمعكِ جيدًا
- وجه القطـــة !!
- أبسبب هذا الخدش أصبحتُ ... قطة ؟
هَززتُ رأسي بالإيجاب دون أن أنبس بكلمة
- إذًا فالقـِطط تُعجبكِ ، نعم .. هي جميلةُ أيضًا .. مثلي !
- مالذي تعنيه ؟!
رفع أنفه بغرور وهو يتجهُ إلى سريره الذي يكون بجانبي ولا تفصل بيننا سوى ستارة خضراء طويلة !
- ألستِ من قال أن هذا الخدش هُنا ، يجعلنــي جميلاً !
- أنا .. أنا فعلت ؟
- آه يا إلهي .. أستدّعين أنك لم تقولي هذا ؟
لم أستطـِع قول شيء .. ففضلتُ السكوت وتجاهُل الأمر برمتــه .. في النهاية أعلم أنهُ المُنتصـِر .
هَز رأسهُ أسفًــا وحَرك سبابتهُ بالقُرب من أعلى أذنه بحركة دائرية في الهواء تدُل على أنه يصفني بالمجنونة !
- سُحقًا لك .. أتظن بإنك عاقل ؟ حتى الأطفال بعُمر السادسة أعقل منك وأذكى
- أتقصدين بمن هُم بعُمركِ عزيزتــي ؟
آآآآآآآآه مُستفز .. لو أنني لم أكُن هُنــا أقسم على أنني سأفعل شيئًا غير جيد له .. أبدًا !!!!
نُمت على جانبي الأيمن بحيث يكون ظهــري أمامه .. فلقد كان ينام هو أيضًا على نفس الجآنب
أغمضتُ عيني بهدوء لأنام .. إلا أن ذلك مُستحيل .. كُنت أعلم بإن نومي هو شيء مُستحيل الآن .. لقد إستيقظت قبل دقائق فكيف أنام مرة أُخرى ؟ لا أستطيع !
أخذتُ أتقلب على السرير مُحاولة بجُهدٍ أن أنام .. إلى أن نهضتُ مُتذمرة حتى تطاير شعري بشكلٍ مُرعب على وجهي
- بسسس .. أيها الوحش من عالم الظلام !
إلتفتُ إلى من كان يهمس إلي والذي كان – بالطبع ريو – الذي عرفتـُه من بحة صوته المُميزة
- ألم تنم أيها البطل .. صآحب وجه كالقطط !
- صاحب وجه جميل كالقـِطط .. أليس سيئًــا بالنسبة لكِ أن أًصحح أخطاءك ؟ خرقاء ! يجيب ألا تنسي إضافة أهم الكلمات حتى تُصبح الجُملة كاملة وصحيحة !
- لم أخطئ .. إضافة كلمة " جميل " مايجعلُها خاطئة .. إنك تظلم الكلمة بنسبها إليك إيها البشع !
- ماذا ؟ حسنًا ، إن كُنت بشعًــا – كما تدعين - .. فما أنتِ اذًا ؟ وحشٌ مُظلم أتى من العالم الآخر لينشُر الظلام في كوكب الأرض !
- لديك خيال خـصب .. هل تكتُب رواية ما ؟
- مُنذ أن رأيتكِ قررتُ ذلك .. فأنتِ تُذكرينــي بأفلام الرُعب .. إذا تمحوَرت حول " الأحياء الأموات " بالذات
أخذتُ أقرب شيءٍ مني يُمكنني رميُه على ريو ألا وهو كأسٌ ورقي خفيف الوزن !
ما إن رفعتُ يدي لأرميه حتى أوقفني إرتطام عُلبة مناديل ورقية بالأرض مُحدثة صوتًا قويًا نوعًا ما بما أن الغُرفة كانت هادئة .
- الرحمـــة .. إِن قُلت أنَّ المُستشفيات ليست مكانًا مُناسبًا للمواعدة ، هل ستًصبح مُناسبة لأن تكون حَلبة مُصارعة ؟
يا إلهــي .. كدتُ أجزُم أنها هيَ – فعلاً – من يكون قد أتى من عالمٍ آخر ..
عينيها الضيقتين الزرقاوتين تلمعان تحت جُنح الظلآم ، أظُن أننا قد أثرنا غضبهــا فعلاً !
كانت تلعب بأطراف شعرها بدلآل وإبتسامة خجولة قد رُسمت على ثغرهـا .. بينما عينيها تحدقان في ريو الذي قد إبتسم
بهدوء إلا أن التساؤل كان جليًا على ملامحه بحيث أنه قد شعر بالفضول عن سبب كُل هذه الحركات كما شعرتُ أنا !
- إقترب الموعـــد .. !
- أيُ موعد ؟
قالها ريو بتساؤل ثم مالبث أن ابتسم ابتسامةً واسعة وكأنه قد تذكّر مايتحدثان عنه
- اوه .. نعم ، لكن قدمي قد كُــسرت .. لن أستطيع الذهاب رُبما !
- لا بأس .. صدقني لا مُشكلة في ذلك ، سيكون الذهاب لصالحنا .. أو لصالحك بالأحرى
كُنت أُنظر إلى الشوارع من خلف النافذة مُدعية الشرود إلا أن ذهنـي لم يكُن إلا مع الذيَن خلفي وأذني تستمع لحوارهما البسيط بحيرة شديدة
أيُ موعد ؟ أُريد أن أعــرف !!
أسندتُ كوعي على حافة النافذة وأناملي قد شقت طريقها لتتسلل داخل شعري الأسود لترفع غرتـي عن جبيني بهدوء وأنا أُفكر والفضول يكاد يُمزقنـي !
إن الفضول الشديد فعلاً داء .. وأتمنى أن أجد له قريبًا دواء !!
لم أعي وصولنا إلا عندما هزت رين كتفـي بقوة حتى خـِلتُها ستكســِره .. عنيفةُ جدًا !!!!
نظرتُ حولي .. لم يكُن لآكي أو ريو أيُ أثر .. حتى كين قد ترجّل من الحافلة وأصبحنا وحدنا !
نظرتُ إليها بغضب مُقطبة حاجباي .. كُنت سأهمُ بالصياح قائلة " مالذي تُريدينـهُ أيتُها المُرعبة " إلا أنني قد إزدردتُ لُعابي
بخوف وقد تصبب جبيني عرقًا ... مع أن الجو جميل جدًا
كانت تبتســِم بشــَر وشيطانية كأنها شيطانٌ غريب قد تجسد على هيئة مخلوق صغير " أشبهَ " بالإنسان
قلت والتردد قد طغى على صوتـي ليجعلهُ متقطعًا مُرتعشًا من الخوف
- ماذا دهاكِ !
- مي نو ري ! .. مارأيُك في حُــضور حفلة ستُقام في منزل أحد أصدقاء والدي ؟
- هاه ؟ حفلة ؟
أومأت بالإيجاب ، ما إن فتحتُ فمــي لأقول " لا " .. حتى قاطعتنـي بقولها بسُرعة
- رائع ... ستحضُرين إذًا !! .. سأجهز لكِ كُل شيء .... كُـــل شيء !!! ليس عليكِ سوى القدوم والإشراق .. ستلمعين بين الحشود ، سيرآكِ الجميع كالشمس الساطعة ، ستكونين كالنجمـة المُتألقة في السماء .. بل كالقمَر المُنير الذي سيأسر عيون الناظرين له .. ستُنيرين كُـل بُقعة مُظلمة تمُر فيها آكي لتمحيهــا من الوجود ..
ما إن إنتهت من جُملتها تلك .. أقصد نصها التعبيري الطويل !! حتى أعقبتهُ بضحكــة مُجلجلة جعَلتني أجزم أنها مجنونة فعلاً أو مُصابة بإحدى الأمراض النفسية أو العقلية .. لا شك في ذلك !
حمِلت حقيبتي بين ذراعي كالطفل الصغيــر وأطلقت لساقاي العنان حتى تنطلقا بحُرية لتنجياني من هذه الصغيرة
حمدًا لله أنها ليست معي بنفس الغُرفة وإلا .... لا أُريد حتى تخيُل ما قد يحدُث !
دخلتُ الفُندق من جديد .. كان عاديًا لا بأس به وبسيطًا جدًا يجلب الكآبة كغيره ، هه وكأنني قد زُرت فاخرًا قبله .. !
رُحت أتجه بخطواتي الباردة إلى المصعد .. ضغطت زر الصعــود وإنتظرت طويلاً حتىَ وصل وفُتح البابُ أمامي
رفعتُ رأسي وحَركته لتتحرك خصلات مُتمردة من على عينـي لأتمكن من الرؤية ببساطة
إبتسمتُ عند رؤيتي كين واقفًا بإحدى الزوايا ودخلت بهدوء
- هل ستذهب إلى مكانٍ ما ؟
- لا ! ، أنا فقط أتسلى بالصعــود والنزول عبر المصعد
- حقًــا ؟ هل هي هواية من نوع آخر ؟
- رُبمـــا !
ضحـِكتُ بخفة .. ياللحماقة ، بل ياللجنون .. ليس طلاب هذه المدرسة وحدهم مجانين ومعقدين .. بل العاملين فيها أيضًا !
نظرتُ للأعلى .. كان كُل رقمٍ يُضيء يدُل على أننا قد وصلنا لإحدى الطوابق ..
وغُرفتي تتواجد بالطآبق الخامس وها نحنُ ذا بالرابع .. لقد اقتربنا ،
عندما أصل سأُعــد لي كوب حليبٍ دافئ ثُم أنام ... سُحقًا لهذه الرحلة ولتذهب مدينة الملاهي للجحيم !!
- لستُ معتادًا على قول هذا .. لكن ، أرجوكِ إحذري .. لا تكوني فريسةً سهلة
- هاه ؟
مالذي يتفوه به .. ولـِمَ التحذير ، حسنًا ... هذا أشعرني بقليلٍ من التوتر فاكتفيت بهز رأسي إيجابًا والبقاء صامتة ..
أظن أن ذلك أفضل .
فُتح الباب وخرجتُ منه بسُرعة .. إلتفتُ ورائي لأراه واقفًا دون حراك فسألته بفضول
عندما قآل آسمي .. شعرتُ بقلبي سيخرج لـِوهلة .. وكأن أحدًا يُحاول نزعه من مكآنه .. شعُور مُخيف إلا أنه .. وياللغرابة ! قد أسعدني !!
حَل الصمتُ بيننآ ليكون سيّد الموقف .. كآن يُشبك أنامله ببعضهآ بتوتر وآضح جدًا .. ونظرآتُه القلقة كانت تُوزغ في الأرجاء .. فأحببت أن أشجعه بقولـي
- لا بأس .. تأكد أنني سأكون في صفـِك .. سأسآعدُك !
ابتسم بغموض ثُم قآل بلهجة غريبة
- أنتِ غريبـــة !!
دُهشت !! .. غريبة ؟ ، نظرتُ إليه بتفاجؤ ثُم صُحت
- لــِمَ ؟ مالغريب فيّ !
قآل وهو ينظر بعيني مُباشرةً
- لا أعلم ، فرُغم علاقتنآ البسيطة .. أو لأكون شديد الوضوح ، رُغم الفترة القصيرة التي عرفتكِ بها إلا أنني أثقُ بكِ أكثر من أي شخص
كانت مكتوبــة بخطٍ كبيــر وواضحٍ ، شعرتُ برغبة مُلحة في البُكــاء .. مالذي فعلته لأستحق هذآ ؟
سُحبت الورقة مني بخفة بينما أنا أنظر إليها ..
- ريو .. أعدها لي !
- أنتِ قبيحــة ؟ من الاخرق الذي كتب هذا !
تعجبتُ حقًا عندما لاحظت غضب ريو الشديد عندمــا قام بتمزيق الورقة بقوة وجعلها اشلاء متناثرة
- لا تجعلـي أشياءً لا قيمة لها تؤثر عليكِ ..
أمسك بقلمـه وأخذ يكتُب على دفتــره بسُرعة ثُم أعطاني إياه لأقرأه
[ لم أكن سأرآفق فتاة قبيحة إلى الحفلة أبدًا .. لذلك لا تكترثي ، فأنتِ جميلـــة ! ]
وآه ! قلبــي .. لن يخرج ، بل أجزم أنه قد خرج من قوة نبضـه الذي يأبى السكون من بعد تلك الجُملة !
ظللتُ فترة لا أعلم طولها .. لكنني بقيت شآردة أقرأ تلك الجُملـة عدة مرآت .. لا أريد أن أنساها ، أريد أن تبقى في ذهني كما هيّ .. دون أن أنقص منها حرفًا واحدًا !
ربما ردة الفعل تلك حمقاء .. حينما رُسمت إبتسامة وآسعــــة مرحة على ثغري .. وكأنني قد جُننت ، لكن لا يُهم .. لأنني شعرتُ حقًا بفرحة غامرة ..
نظرتُ إلى ريو .. كان ينظُر إليّ هو الآخر وإبتسامة هآدئة على مُحيآه ..
أعدتُ إليه دفتــَره دون أن أقول شيئًا ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الآن ، إنها السآعة السآبعة مسآءً .. لم تبقى سـِوى سآعةٍ واحدة ..
إنني في منزل إحدى صديقــاتي القديمات آللاتي كُن معي في المدرسة السآبقة ..
جلستُ على سرير " آن " التي كانت تُخرج لي من خزانتها عدة فساتين لأختار إحداها للحفلة
لم يُعجبني سـِوى واحدٍ فقط شعرتُ أنه الأفضل والأكثر مُلاءمة لي .. إلا أن " آن " رفضت كُليـًا أن ألبسه بزعمهـا أنه قبيح جدًا ولا يُلائم الحفلات الراقية !
وفي النهاية .. لقد أرغمتنــي على إرتداء فستان بُرتقالي قصير - وكم أكره هذا اللون ! - .. يصل إلى أعلى رُكبتيّ
كان بسيطًا جدًا .. فقط قطعة قُماش صُممت لتكون ثوبًا خاليًا من أي إضافات ،
نظرتُ إلى المرآة المُعلقة على الجدآر وقُلت لها بفضول وأنا أحتضن وجهي بكفيّ
- ألن أحتاج لوضع بعض المساحيق على وجهي ؟
- كلا .. فأنتِ جميلـة بطبيعتكِ .. لا تحتاجين لذلك !
جميلـــة ... تلك الكلمة البسيطة جعلتني ابتسم رُغمًـا عني .. تذكرتُ جُملته ، أسعدتنــي كثيرًا !!
إقتربتُ منها وعانقتهــا بقوة .. إنها فعلاً صديقة حقيقية .. لطالمــا كانت بجانبي عند إحتياجي لها !!
- أشكُركِ ..
ربتت على ظهري بقوة ثم قالت ضاحكـة
- لا شُكر بيننا عزيزتي .. وكفاكِ توترًا .. فأنا أشعُر بجسمكِ يرتجف ، الأمر ليس مُخيفًا لهذه الدرجة .. فقط ستقفين بجانبه وتصافحين الجميع لا أكثر .. وارسمي إبتسامة لطيفة على فمك .. هذا كل مافي الأمر !
- هكذا فقط ؟ مُتــأكدة !
- آه ، أظن ذلك ..
إبتعدتُ عنها بتردُد .. ونظرتُ في عينيهــا اللتان كانتا تمُدانني بطاقة وشجاعة غريبـة ..
تتبعتُهــا لتُرشدني إلى طريق الخروج ، هممتُ بالذهآب لكنها إستوقفتني بقولها
- كوني حذرة ، إن إحتجتي إلى شيء .. يُمكنكِ الإتصال بي .. سأبقى مُستيقطة طوآل الليــل !
أومأت رأسي بالإيجآب وخرجــت بسُرعة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
آوه لآ .... سُحقــــــــــــًا !!
إنها السآعة الثآمنة تمامًا .. تأخرت ، يا إلهي تأخرت !!!
لقد أضعتُ الطريق .. لقد نسيتُ وصف ريــو ، ألم يقُل أن أتجه يمينًا عندما أرى مُفترق طرق ..
ربآه .. ماذا سأفعل الآن ..
كما أن هذا المكان .. يبدو وكأنه مهجــور منذُ فترة ليست بالقصيرة أبدًا !
المكان مُظلمٌ جدًا .. لا توجد سوى عدة أعمدة إنارة قليلة لا تكفي لتُوضيح الرؤية ..
وقفتُ منتصبـة بفزع عندمـا سمعت صوت حركة يصحبهــا زمجرة مُرعبـة ..
إلتفتُ خلفــي بقليل من التوتر .. وياليتنــي لم أفعل !
- كلــب ! .. هذا ماينقصُنــي ..
عدت للنظر أمامي بسُرعة .. وأخذت أمشي بهدوء .. بحركة بسيطة هادئة .. لا أريده أن ينفعل أو .. يلحق بي بمعنى أدق !
أخذ ذاك الكلب بالنُباح بصوتٍ قوي جعل القشعريرة تسري بكامل جسدي .. فما كانت ردة فعلي اللا إرادية سوى الركض بعيدًا لأنجو بحياتي
آلركض حيث لا أعلــم .. لكن أتمنى فعلاً أن أجد احدًا هُنا يسمع بُكآئي وصرآخي فيُنقذني !
نظرتُ ورآئي .. كان يلحقُ بي بسُـــرعة .. ليصل إليّ .. ربآه ، سأموت .. سأمووووت !
- آه ..
لقد تعثرت .. تلطّخ فستاني بالطين وقد كُسر حذآئي ، وكأن هذا ماينقصنـــي ..
إقترب ذاك الكلب الأسود الكبيـــر منيّ بهدوء .. بينما أنا أزحف بحركة عكسية للورآء .. قدمي تؤلمني لا استطيع النهوض والدموع تحجب الرؤية وتجعلها ضبآبية !!
أغمضتُ عينآيّ بقوة عندمــا قفز علي بكآمل ثقله ليُصبــح فوقي ..
- أرجوك .. أرجوك لا تأكلني !
فاجأني ذلك الكلب بلعقه لوجهــي .. فتحت عيني لأراه يبدو لي كالجرو اللطيف !
- روكــــــي .. !!!!
رفعتُ رأسي بفرح عندمـا سمعت صوت شآب قآدمٍ ناحيتي من بعيـــد ..
صُعقت .. فوجئت .. إندهشت .. كُل تلك العبآرآت توضّح حآلتي الآن
فها أنا ذا أرى أمامي ذلك الشخص .. الذي أُعجبت به سابقًـــا !!
ولابد أن هذا هو كلبُــه روكي ، فهو معروف بحُــبه للكلآب ..
صُحت بغضبٍ عندمــا إقترب مني " آكيــرآ " ذو الشعرٍ الأشقــر الطويل - نوعًا ما - والعينين البُنيتين .. كان يُشبه ريو قليـــلاً .
- أبعد هذا القذر عنيّ ..
- مينـــوري ؟ أهذهِ أنتِ !
أَبعد كلبــه روكي عنيّ فحآولت النهوض حتى لا أتأخر أكثر .. كما أنني لا أُريد محادثة شآب مغرور مُتعجرفٍ مثل هذآ !
نظر إليّ بقلق ثم قآل
- أنتِ لستِ بخيــر .. دعيني أُسآعدكِ !
حآول الإمسآك بذرآعي إلا أنني دفعتُــه عنيّ بقوة ثم قلت بغضب
- لا تقترب مني ... أبدًا !!!!
ضحــِك بخفة وأردف
- مآبكِ .. أصبحتِ شرسة على غير العآدة
صوبت نظرآتٍ حآدة إليه جعلته يزدرد لعآبه بتوتر ..
حآولت النهوض إلا أن كُل محاولآتي بآءت بالفشل .. فما كان بيدي سـِوى طلب المسآعدة منه !
نظرتُ إليه بعينين غآضبتين إلا أنه إستطآع فهم مغزاهآ فأمسك ذرآعي بيده اليُمنى وأحاطني بذرآعه اليُسرى ليمسك خصري
مشينــا سوية بهدوء إلى أن قطع ذلك الصمت صوت آكيرآ وهو يتساءل بفضول
- هكذآ إذًا !! .. هذا جيّد .. فنحنُ ذاهبان إلى نفس الوجهة !
تطآيرت علامات الإستفهام حول رأسي .. فأنا لم أفهم مايعنيـه هذآ فسألتُـه
- هل ستذهب لتلك الحفلـة ؟ أتعرف ريــو ؟
إلتفت إليّ وقآل مُتعجبًــا
- ريــو ؟ لآ إطلاقًــا !
أومأتُ بالإيجاب وعآد ليُحيطنــي بذرآعة كي يُصبغ وجهي بحُمرة الخجــل ، صرختُ مُتحاشية النظر إليه
- إبتعد قليلًا .. هذا مُزعج
- ألم تتمنــي قُربي في الســابق !
إلتفتُ إليه فرأيتهُ ينظر إلى عيني مُباشرة ويبتسم ، فقُلت بتحدٍ ونظراتٍ حادة
- أنت قُلتها .. في الســابق !
- لقد أصبحتِ عنيفةً جدًا .. مالذي غيّــركِ ؟
- لا شأن لكْ ..
- حسنًــا ..
صرخت فجأة صرخة ألم أفزعت آكيرا عندمــا ضغطت بقوة على قدمي المُصآبة من غير قصد .. فاغرورقت عينآي بالدموع وتوقفت عن المشيّ
- مابكِ ؟ تؤلمكِ ! هل ضغطتــي عليها بقوة ؟
- لا تسأل أسئلة كثيرة .. أنت مُزعج وثرثآر !
صمت آكيرا وهو ينظُــر إليّ بقلق .. تلك النظرآت لو أنها كانت في السآبق لجعلتنــي أطير فرحًا ، هه حسنًا هذا لا يُهم الآن !
فجأة شعرتُ أنني مُرتفعة عن الأرض .. كيف ذلك ؟
كُنت أنظر للأرض دون أن أستوعب مالذي يحُدث هنا وكيف إرتفعت !!
نظرتُ للأعلى لأرى وجه آكيرا قريبٌ جدًا من وجهي .. وينظُر لي بعينيه الواسعتين مُباشرة ..
صرخت مُعترضة أشد إعتراضٍ على ذلك .. كُنت أتحرك بعنف ودون هُدىَ
- إتركنــي ايها المُنحرف ... إتركــ ...
لم أُكمل صرآخي عندما أخذ يركض بسرعة جنونيــة وهو يقودنـي إلى الحفلة .. كما أعتقد !!
فلقد كُنت مُغمـِضةً عيناي ومُتشبثة به بقوة ، إنني ... خآئفة
شعرتُ بإن الهواء الذي كان يصطدم بوجهــي منذ قليل قد هدأ .. ففتحتُ عينآي لأنظر لما حولي
كُــنا نقـِف أمام بيت .. آه أقصد قصـــر كبير جدًا تتقدمه بوآبة عملآقـة يقف أمامهــا شخص .. لآبد أنه الحآرس !!
كان صوت المُوسيقـى الكلآسيكيـة يصدُر من دآخلـة .. لآبُد أنني قد وصلتُ للمكان المطلوب إذًا ..
نظرتُ إلى أكيرا ببرآءة وقُلت
- ألن تُنزلنــي ..
إبتسم وقآل بهدوء
- بلىَ ..
أنزلنــي آكيرآ بالقُرب من البوآبة أمام الحآرس الذي كان ينظُـر إلينآ باستغراب شديد ..
قآل أكيرآ بـجمود وفي نبرة صوته بعض الجديّة
- ألن تُدخلنا يا هذا ؟
- حـ .. حـاضر سيدي !!
- لكن ، ألا يجب أن أٌعطيه بطاقة الدعوة ؟ هكذا فقط !! أ ..
قآطعنــي أكيرا بإحاطتـه لخاصرتي مُجددًا وجذبي معه للمشي إلى الدآخل
نظرتُ من حولــي
كُنا نمشي في ممر يتوسط حديقـة وآسعة مُـلئت بالورود الحمرآء بشكل جذآب مما يدُب الرآحة في النفس .. كانت مُرتبة بشكل هآدئ وجميل جدًا
وكان يوجد شجــرة كبيــرة جدًا كثيرة الأغصآن في إحدى الزوايا عُلقت أُرجوحـة من الخشب بحبلٍ قوي على إحدى غصونها الكبيرة .. ظللتُ أنظُــر إليها لفترة .. أُعجبت بها كثيرًا
- مي نو ري !
سَرت القشعريرة المعتادة في جسدي عندما سمعت صوتهــا ..
نظرتُ إليها .. كانت تبدو مُختلفــة .. وجميلـــة جدًا !!
جعلت غرتها الشقراء تنسدل بنعومة على جانب وجهها الأيمن .. بينما جمعت شعرها كُلـه ليكون على كتفها الأيمن أيضًا .. وبعض المسآحيق أضفت نعومة وجمالاً على وجهها
كانت ترتدي فُستانًا بلونٍ وردي زُخرف بالأسود على جانبه الأيســر ..
إبتسمتُ رغمًــا عني وقُلت لها
- ريـــن .. تبدين مُختلفة ، وجميلة جدًا
أجابتني ببرود مُتوقع
- شُــكرًا .. لكنكِ تبدين
حَكت ذقنها بتفكيـر وهي تقترب مــني
- مُتشــردة
غضبت جدًا عندما سمعتُ ضحكة آكيرآ الواقف بجآنبي فدفعتُه بقووة عنـي إلا أنني أرجعتُه مرة أخرى بجآنبي بحركة لا إرادية خشية أن أسقُط
قُلت بإنكار
- هذا ليس مُضحكًـا
- أكيرآ .. مالذي فعلتــه بها ؟
نظرتُ إلى رين بتعجُب .. هل تعرفُــه ؟ كيف !!
- هل تعرفينــه ؟
- إنه أخي .. !
" هـــــــاه " !!! ... هل قالت لتوها أنه أخاها .. أم أنه خيّــل إلي ذلك
- تمزحين ؟
نظرتُ إليه من الأعلى إلى الأسفل بعدم تصديق وقُلت من جديد
- أنتِ حقًا تمزحين ، إذا كان هذا أخوكِ .. فهو أيضًا .. أخ ريو !
كيف لم ألحظ الشبـه بينهُمــا .. عينان بُنيتان .. وشعرٌ أشقر ، كما أنهُمـا مُتعجرفان ومغرورين .. آه ربآه !!
أردتُ أن أبتعد فجأة عنه .. أن أركُلـه فيطير بعيدًا جدًا عني .. إلا أنني لا أستطيع ذلك حاليًــا
- مي نو ري !! إن ريو متوتر جدًا بالدآخل .. فلقد تأخرتي ساعة كاملة ونصف أيضًا .. إن والدي غاضبٌ جدًا
إقتربت أكثر مني وأخذت تلتف حــولي وتنظر بعدم رضى
- هل ستُقابلينه وتدخلين الحفلة هكذا ؟
هزت رأسها نافية وقآلت تنظُــر إلى أكيرآ ببرود
- خُذها إلى غرفتــي يا أخي
كما حدث سابقًا .. إرتفعتُ للأعلى فجأة مما أثآر فزعــي .. إلا أنني هذه المرة لم أقاوم .. مع أنني أردتُ أن أوجه بعض الضربآت الموجعة إليه إلا أن ذلك لن ينفع الآن ولن يكون في صآلحي أيضًا
لهذا بقيت هادئــة .. حآولت قدر إستطاعتي أن أبقى صامتة لكنني تكلمتُ بعدوانية
- أنت كريه .. أنا أكرهُــك .. أكره من يقوم بتمثيل دور البطل الطيّــب الذي .... الذي ..
إحمر وجهــي بكامله عندما قآل بسُرعة
- يُنقذ حبيبتــه من الموت في آخر لحظة
قُلت وبالكاد أستطيع إخراج الحروف لأنطقها
- ها ها الموت .. مُضحك جدًا !!
إبتسم أكيرآ دون أن يُعلق بشيء بينما هو يأخذني إلى الجآنب الأيمن من ذلك القصــر الكبير ..
كان يوجد درج طويل بعض الشيء أعلاه باب خشبــي يقود إلى الداخل
فتحه بهدوء ودخلنــا ..
شهقت بدهشة عندمــا رأيت ذلك المكان الوآسع الأشبه بمطابخ المطاعم التي أراها في التلفاز عادة .. كان مليئًــا بالطباخين الذين يتحركون بسُرعة هُنا وهناك ..
إلتف الجميع حولنــا فجأة والبعض ينظُر بإستغراب والآخر بمـرح
- سيدي .. هل أنت بخير ؟ ومن هذه الآنسة ؟
- هل أنتما بخير
لم يُجبهم بشيء فقط إكتفى أكيرآ بهز رأسه إيجابًــا مع إبتسامة بسيطة على ثغره ثُم التوجه إلى إحدى الأبواب الخشبية الأخرى للخروج
أغلق البآب خلـفه ..
كان المكان حالك الظلآم وبآلكاد يُمكننـي الرؤيـة من الشموع المُعلقة على الجدآر .. كانت تُضفـي الى الممر الطويل الذي نمشي فيه بعض الرُعب الذي جعلني أشعر بالخوف الشديد
ها أنا ذا مع أكيرآ لوحدنــا .. وحدنــا ؟
شعرتُ بقلبــي يرتجف من بين ضلوعــي .. يدُق بسرعة جنونيـــة !!!
- يُمكننــي أن أسمع صوت قلبكِ الخآئف الآن .. لذلك توقفـي
- كآذب !
صرختُ بفزع وأنا أُمسك بمكان قلبي بقوة
ضحــِك ضحكة مُجلجلة أغضبتني كثيرًا ثم قال
- كُنت أمزح ، لكنكِ ترتجفين .. هل الجو بآرد أم أنكِ خائفة مني ؟ أنا لا أعُض .. كما أنني لستُ وحشًا !
- بلىَ .. أنت وحشٌ بهيئة بشــَر !
إبتسم دون تعليق ، هاهي عادتُه .. دائمًــا مايكتفي بالإبتسام كتعليق لطيف .. إلا أن ذلك يجعلنـي أتوتر وأشعر بالريبة والغرآبة ..
توقفنا فجأة فقُلت باستغراب
- ماذا ؟ لماذا توقفــت ؟
أنزلنــي بهدوء ثُم دفعنــي نحو الجدآر بقوة .. كانت توجد شمعة معلقة على الجدار فوقي .. وكان ضوؤها مسلطًا عليّ تمامًا
نظرتُ إليه إذ به يقف قريبًا جدًا مني .. حتى كاد يلتصق بي .. كان يضع يديه على الجدار ليمنعنـي من الحرآك .. وكأنني سأستطيع الهروب بتلك الحآلة !
قرّب وجهه مني كثيــرًا .. وكانت عيناه لا تنظرآن سـِوى لعينآي ..
قآل بهــدوء وصوتٍ مُخيف
- أشعر برغبــة في ...
أغمضتُ عينــي بقوة بحركة لا إرادية .. قلبــي ، هذا الصغير المسكين .. لقد تعــِب من هؤلاء الأغبياء الذين يجعلونه يخآف كثيرًا حتى يكاد يخرج لأراه مُلقى أمامي مُحاولاً الهروب .. لن ألومه لو حدث ذلك ! ..
إنتظرت كثيرًا .. مابه ؟ مالذي سيفعلُــه !!
فتحتُ عينــي لأراه واقفًــا أمامي يبتسم .. وأخذت إبتسامته في الاتساع شيئًا فشيئًا .. حتى أطلق ضحكةً قويــــة جدًا أجزم أن كُــل من بهذا البيت قد سمعها
نظرتُ إليه بغضب وقد إحمر وجهــي وأصبح كشُعلة من نآر فعلاً .. أشعُر بالإحراج الشديد .. إحراجٍ لم أشعُــر بمثله من قبل أبدًا .. !!!
أمسكتُ حقيبتــي السوداء ورميتُهــا عليه فأصابت صدره .. لابد أنها كانت كالدغدغة بالنسبة إليه !
- سُحقــًا لك أيها الحقيــر .. أيها الصرصـــور الطائر !
- ماذا .. ؟
كان يُمسك بطنــه ويبدو أنه عاجزٌ عن الكلام .. ذلك أفضل حقًا فلست مُستعدة لتلقـي الإهانات والتعليقــات السخيفة
تحاشيتُ النظر إليه بينما هو يُصوب سبابته إليّ ويضحك بشدة حتى دمعت عينآه ..
إنتظرتُــه حتى هدأ .. فقآل وفي نبرة صوته ضحكـة يُحاول كتمها
فتحتُ عينــيّ بهدوء .. ونظرتُ من حولي إلى أن ثبت بصري على رين التي تنظُـر إليّ بابتسامة واسعة
- تبدين مُذهلــة ..
- هاه ؟
أبعدت نظري عنهــا ووقفتُ لأنظر إلى المرآة من أمامي ..
لقد جعّدت شعري بشكل جميــل جدًا وبسيط لا تعقيد فيه .. أما غرتي فبقيت مُنسدلة على جبينــي بنعومة ..
كما أنها وضعت أساور بسيطة بيضآء وفضية بيدي ..
بقيتُ أنظر بدهشة إلى نفسي ..
- هل هذه أنا ؟ أم أنني أحلُم
- تبدين رآئعــة ..
قُلت بفرح
- كثيــرًا .. ! هل يُمكنكِ أن تقرصيني ؟
صرخت بألم عندمــا قرصتني بقوة في يدي .. هيَ لم تفهم أنها كانت مُجرد مُزحـــة !
- بقي شيءٌ واحد ..
قُلت لها بتعجُب
- ماذا ؟ ماذا غير هذا كُــله !
- الحذآء يابلهاء !
ضحكت من جملتها تلك مع أنها كانت إهانة لي .. لكنها كانت مُضحكة نوعًا ما
- ريـــــــــن ألم تنتهـــ . . . .
رفعتُ رأسي لأنظُـــر لصآحب الصوت الذي عرفتـُه على الفور
- ريـــو
كان يقف خلف الباب مُمسكًا بالمقبض .. كان بابًا مُختلفًا غير الذي دخلتُ منه .. نظر إلي قليلًا بذهول ثم أُغلق الباب فجأةً وبقـــوة وكأنهُ قد رأىَ وحشًــا بشعًــا أراد الهروب منه .. مابه ذاك الغبيّ !
- لا تكترثي له يا مينــوري ... هيا سآخذُكِ إلى حيثُ القآعة
أمسكتُ يدها بتوتر وقُلت بقلق
- أنا خائفة .. لم يسبق لي أن فعلتُ ذلك وذهبتُ إلى حفلة كبيــرة !!
- مي نو ري .. مي نو ري ، لا تصبحي هكذا .. تحليّ ببعض الشجآعة
وقفنآ أخيرًا أمام المكان المقصود ، أمام ستآرة حمرآء مُسدلة أمام نافذة طوييلة
وقف أمامهــا ثُم أزاح الستارة بهدوء وفتحهــا ثُم ترك الستارة لتُغطيها من جديد .. أما أنا فـوقفت أمامها دون حراك
- تعالــي يا مُهرجتــي
عقدتُ حاجباي بغضب فأسرعتُ إليه وفتحتُ فمي لأصرُخ قائلة " لا تقل مُهرجة أيها المتخلف " .. إلا أن كل تلك الحروف تبخرت !
فغرت فاهي بدهشـة عندما رأيت ذلك المنظر العجيب ..
كان ريو يستند على حافة السور الذي كان يُحيط الشرفة من الخارج مُرخيًا ساعديه عليه .. ومُميلاً رأسه إلى الخلف ينظر إلى القمر المُكتمل الذي سلّط ضوءه الأبيض على شعره الذهبي
كان المنظر جميلاً جدًا .. لقد راودتني فكرة أنه أمير في احدى القصص الخيآلية لوهلــة !
إقتربت بهدوء إليه .. وفي كُل خطوة كان قلبي يدق معها بقوة لدرجة شعوري به يكاد يخرج ... كما هي العآدة !!
- مينـــوري
توقفتُ .. توقفتُ لألتقط أنفاسي التي تكاد تختفي شيئًا فشيئًا .. أشعُر بالإختناق ، وشعورٍ غريب جدًا ... أريد أن أبكي ، فهذا غريبٌ حتى أني لا أعرف لـِمَ أشعر بذلك
- نـ ... نعم !
رفع رأسه ونظر إليّ مُبآشرة .. كان يُحدق فيّ بجدية
كانت عينآه تلمعآن ببريق مُذهل .. لذلك بقيت فترة طويلـة أحدق فيهما دون أن ألتفت لغيرهمــا
أخذت أقترب منه بهدوء حتى توقفت عندما قآل
- أنا أُحبـــكِ
لـ ... لـحظــة !
لقد توقف قلبــي .. نعم توقف ، هذه المرة أنا أتكلم بجديّــة .. أو أنه قد خرج فعلاً وهرب .. فأنا لا أحس به
ها أنا ذا أضع يدي عليه .. لا نبض !!
حسنًا هذا الشعور فعلاً يكاد يقتلنــي ..
- وأنتِ ؟
- ماذا ؟
هذا ما استطعت قولـه .. حتى إني بالكاد قُلت تلك الكلمة .. صوتي لا أستطيع إخراجه .. هل فقدتُ صوتي أيضًا مع قلبي ؟ أشعر بأني أغبى الفتيات في هذا العالم بهذه اللحظة !!
أخفض ريو رأسه وأخذ يعبث بشعره الأشقر لتتجمع خصلاته المُبعثرة على وجهه بنعومة فتُغطي عينيــه الساحرتين
ثُم أطلق ضحكة مستهتره وقآل بتوتر
- لا شيء .. تجاهلي ماقُلته توًا !
رفع رأسه وابتسم إبتسامة واسعـة ثم أخذ عكازيـه وإبتعد عنيّ .. ذهب دون أن أشعُر .. لقد كُنت أنظر إلى نفس المكان الذي كان مُستندًا عليه قبل قليل
أتجاهل ماقاله ؟ أتجاهله هكذا فقط ....
إلتفتُ إليه فإذ به رحل .. إختفى في غمضة عين ،
إغرورقت عينآي بالدموع .. حاولت التماسُك حتى لا أفسد زينتــي إلا أنني لم أستطع !
لن أخفي على نفسي ذلك .. لقد تمنيتُ سماعها منذ فترة .. لقد تمنيتُ فعلاً أن لا أكون وحدي ضحية الحُب هنا .. وأن أتألم وحدي !
عندمــا أوشكت هذه الأُمنية على التحقق .. أٌفسدت بنفس اللحظــة ... حمآقة ، فعلاً حمآقـــــة
سقطت أرضًا .. قدماي لم تعودا قادرتان على حملي .. نعم أنا مُنهاره .. !!
كنت لدقائق كالوردة الذابلة .. وعندما كُنت سأروى بالماء أخيرًا .. عُدت للذبول من جديد ... بل أصبحتُ ميتةً الآن !
- إنهضي ...
رفعتُ رأسي لأعلىَ فصُدمت بشدة
- آكيـ ... ـرآ
إقترب مني بخطواتٍ واثقة ثابتة وجلس على رُكبته قريبًا جدًا مني ثم رفع منديلاً كان بيده اليُمنى ومسح وجهي
- أنا آسف لمُرآقبتي لكما .. إلا أنني شعرتُ بإن شيئًا غير جيد سيحصل
ضحـِكتُ باستهزاء
- اوه حقًا ، تُريد أن تقنعنـي بإنه لم يكن فضولك من دفعك لتتبعنا !!
إبتسم ونظر للأعلى ثم قال مازحًا
- حسنًا ، رُبما
عقدتُ حاجباي بإنزعاج وعندما هممت بالصراخ في وجهه وضع سبابته على فمي ليمنعني ثم قال
- أنا لم أتتبعكِ بدافع الفضول ، لقد أُبهرت بكِ .. أنتِ تُشبهين ساندريلا ، كُنتِ بمظهر المتُشردة .. والآن أصبحتي كالأميـــرة الجميلة !
أصبح وجهي أحمر اللون بالكامل ويشتعل خجلاً وحاولت قول شيئًا إلا أني كنت أتلعثم كثيرًا حتى إستطعت قول كلمة واحدة
- أحمق
ضحــِك بقوة وساعدني على النهوض ..
قُلت بعصبية دون النظر إليه
- هـ ... هل أبدو .. كالباندا ؟
- كلا ..
- هذآ جيد
فوجئنا بوقوف ريو أمام الستارة ينظُــر إلينا بذهول
نظر إليّ بعينين يملؤهما الفضول ثُم قآل
- مينــوري !
لا أعلم لكنني شعرتُ بتأنيب الضمير .. وكأنني قد إقترفتُ خطأً كبيرًا .. كالخيانة مثلاً !!
قآل أكيرآ بابتسآمة واسعــة
- أنظر ريو .. لقد إلتقيت بإحدى مُعجباتي السابقات ، لقد كانت تعشقنــي .. وربما مازال قلبها معلقًا بيّ ..
جذبني إليه بقوة وأحاطني بذرآعه ثُم قآل بنبرة تحدٍ لريو
- وأظن أنني بدأت أعجب بها ..
نظرتُ إلى ريو وعندما حاولت إنكار كُل ماقاله هذا الخبيث لم أستطع ، شعرتُ بألم شديد في قدمي
طأطأت رأسي فإذ بذاك الأكيرآ يضغط بقدمه بقوة على قدمــي المُصابة ..
في كُل لحظه كان الألم يشتد بسبب قوة الضغط ..
فأخذت أتشبث به وأنا أغمض عينيّ بقوة
- فهـِمت ..
رفعتُ بصري إلى ريو لكنه إختفىَ ..
حملنــي اكيرآ وأنا أتأوه ألمًا وأبكي .. فالألم لا يُحتمل ، أردت توبيخــه إلا أن ذلك ليس بالوقت المُناسب أبدًا ..
سمعت همسه في أٌذني وهو يقول
- أنا آسف .. آسف جدًا
ضربت كتفه بقبضتي بقوة .. فقط آسف ؟ لن أسامحه أبدًا !!
خرجنآ بسُرعة من الشرفة ، لقد كان يحملنـي ويركض بي مُسرعًا جدًا إلى حيث لا أدري ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
رجعنــا إلى الحفلة مُجددًا .. لقد أخذني إلى المشفى ،وضربتــه كثيرًا حتى شعرتُ بالراحة .. لم أرحمه بصُرآخي وتوبيخــي بالطبع
حمدًا لله أنني لم أصب بكسر .. هذا ماكُنت خائفة منه كثيرًا ّ!
إلا أن هذا لا يعني بإن إصابتي سهلة .. وهذا بفضله ذاك الحقير طبعًا .. ومن غيره ؟ أكيرآ !
كُنت أستند عليه ويلفني بذراعه .. أود أن أحطم وجهه
كُنــا نقف في مكانٍ بعيد جدًا عن مكان جلوس ريو وعائلتـه .. كُنا نقف في إحدى زوايا تلك القاعة الواسعة المليئة بالحضور والخدم في كل مكان
إرتميتُ بكسلٍ على كُرسي إحدى الطاولات الموضوعة في تلك الزاوية وقُلت وأنا أنظر إلى الفراغ
- لــِمَ فعلت ذلك ؟
جلس هو الآخر على الكُرسي الذي يواجهنـي ثم قال مُلاعبًا وردة حمرآء بين يديه
- هكذآ .. سيكون أفضل للجميع
نظرتُ إليه بحقد وقُلت بعصبيـة
- إنني أُحبـــه .. كُنت سأقولها !!
قآل بلا مُبالاة
- لكنكِ لم تقوليهــا .. وأنا مُتأكد أنكِ لن تقوليهــا أبدًا
رفعتُ حاجبي بإستغراب شديد .. هذا الأكيرآ ، من يظن نفسه ؟
قآل بعد فترة صمت
- كفىَ .. هذا الشجار لن ينفع ، يجب أن تعودي إلى هُناك .. خلصي أخي من تلك البلهاء جين .. ! أنا فعلاً أشفق عليه
- إذًا .. إسمها جين هاه ؟
أومأ بالايجآب ووقف ليُساعدني على النهوض
كُنت أحاول قدر المستطاع أن أقف بثبات دون أن ألفت إنتباه الجميع بمشيتــي .. لكن لابد أن البعض قد لاحظ !
إقتربنــا كثيرًا منهم وعندمـا وقفت بالقُرب من ريو الذي كان جالسًا على كُرسي يواجهنــي .. أشاح ببصره عني بعيدًا
هذه الحركـة آلمتني كثيرًا !!
زفرت بقوة ثُم قلت بابتسامة مُزيفــة ..
- أنا آسفة على التأخير .. لقد طرأ أمر ما إضطرني على الذهاب .. لكن ها أنا ذا قد عُدت !
كانت ترتدي فُستانًا قصير ذو لون أسود ناسبها كثيرًا
إنها فعلاً جميلــة جدًا .. ويبدو أنها رقيقة أيضًا
- أنا جين .. سُررت بلقائك !
- مينــوري .. أنا أيضًــا
كانت الطاولة مليئة بالشباب .. أما والد ريو وجين فقد كانا يتحدثان بعيدًا عنّــا
كانت جين تجلس يسآر ريو .. وآكيرآ بيمينه .. ثُم أنا أجلس بجانب أكيرا بحيث أكون مواجهة لريو .. أما بجانبي فكانت رين ثُم بعدها شخص لا أعرفه ، لكن لا بد أنه أخوها .. فلديه نفس تلك النظرآت الثاقبة !
قال أكيرا بابتسآمة وهو ينظر إليّ
- بالمُناسبة ...
أشار نحو ذلك الشاب الذي يبدو أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين ثم قال
- لم أعرفك بهذا الشاب ، إنه أخي الكبيــر كيم ..
كان كيم ذو عينين بُنيتين داكنتين بعكس إخوته ، وذو شعرٍ بُني وبشرة قمحيـة كوالده .. و ملامح حادة وسيمــة كثيرًا
نظرتُ إليه وابتسمت بينما قال بإحترام
- سُعدت بلقائك
- أنا أيضًــا ..
فجأةً سمعتُ صوتًا أنثويًا قال بمرح وفرح غامر
- بالله عليكم ! ، أكره الرسميــة ، فلتتحدثوا عن شيء ما .. شيء يُضفي بعض المرح إلى هذه الحفلة المُملة !
رقيقة ؟ رُبما كُنت مخطئة بهذه .. !
قال أكيرآ بحماس
- مثل ماذا ؟
قالت جين بتفكيــر
- لنرقُص .. لكن ، أنا أكره الموسيقى الكلاسيكيـة .. لنجعلها موسيقى مثيــرة !!
وقف أكيرا وأمسك بيدها الممدودة ثم قالا سويةً بمرح
- لنذهب إذًا ..
إلتفتت جين إلى الورآء ونظرت إلى كيم بنظرة غريبة ثم قالت
- هيآ ، تعال معنا !
هز رأسه نفيًا وقآل ببرود
- شكرًا ..
وضع سيجارة مابين شفتيــه ثم وقف ليهُم بالذهاب
- سأكون بالخآرج !!
تركت جين يد أكيرا وذهبت ناحية كيم وأمسكت بذراعــه وجذبته معهــا مُرغمًا
- ستأتي معي .. لن أتركك تذهب بسهولــة
- أنتِ مُزعجــة يافتاة !
- لا بأس ، لست أول من يقول لي هذآ ..
- وهذه هي المُصيبـــة .. !!
ضحكت جين بقوة ورآحت مع الشابان اللذان توسطتهما .. كانت ترقص بينهما بسرور وكأنها طفلة بالثامنــة من عمرها
- سأذهب أنا أيضًا .. يجب عليّ الترحيب ببعض الضيوف ..
نظرتُ إليها بخوفٍ وترجي وقُلت
- كلا .. لا تتركينــي رين
نظرت إلي بهدوء وذهبت هي الأخرى دون أن تنبس ببنت شفة ... تلك المآكرة !!
نظرتُ إلى ريو الذي كان يُحدق بجين من بعيــد ثُم تكلم هامسًا
- لا أصدق أن هذه هي زوجة المستقبــل !!!!
زوجة المُستقبل ؟ .. آه ، غبية وكيف أنسى ! ..... سيكونان لبعضهما في النهاية ، لا أظن وجودي سيكون ذا معنى هُــنا
دمعت عيناي ألمًــا .. الآن فعلاً .. لقد شعرتُ بنفس ذاك الشعور الذي يتحدثون عنه ، عندما يُجرح قلبُــك وينزف دمًا ..
أبعدت وجهي بسُرعة عندما نظر ريو إليّ ببرود فجأة
ثُم سمعته وهو يتنهد بضجر وقال
- لا تجعلــي ماحدث يؤثر على علاقتنا .. أعني صداقتنا ، لازلنا أصدقاء .. صحيح ؟
" لا !!! .. لسنا أصدقاء ، لا أريد أن أكون صديقتك وحسب !! "
أردت أن أقول ذلك بصوتٍ عالٍ .. لكني لم أقوى على فعل ذلك واكتفيت بهز رأسي بالإيجاب
- هذا جيد ..
صمتنا فترة طويلــة .. وكنت طوال تلك الفترة ألعب بإصابع يدي بتوتر .. إلى أن سمعت صوته يقول
- ما علاقتكِ بأخي ... أكيرا ؟ كيف تعرفينـه
رفعتُ رأسي إلا أنني لم أنظر إليه .. لم أعد أستطيع فعل ذلك ، بمجرد أن تلتقي عينانا أحس بإنني أُبحر بداخلها .. ثُم أشعر بالخجل الشديد !!
- أنا .. أنا كُنت مُعجبــة به منذ آخر سنة لي في الإعدآدية .. عندما كان في الثانوية .. بالسنة الثانيـة ..
صمتْ قليلًا ثم عدت أقول
- ثم تشجعت لأعترف له .. في السنة المآضية .. إلا أنه قد رفضنـــي ، لم أكُن مميزة كما إعتقدت ..
- كما إعتقدتي ؟
أومأت بالإيجاب وقلت
- كُنا نقصد دائمًا متجرًا للحلويات عند الانتهاء من الدوام المدرسي .. ونلتقي هُناك ثم نذهب للحديقة سويةً ونتحدث .. كان يفهمُــني .. ويُساعدني في حل مُشكلاتي
إبتسمت بعدها رُغمًا عني .. تلك كانت ذكرياتٍ جميلة جدًا .. إلا أنني قد نسيتها تمامًا وقد تذكرتُها لتوي !
- فهمت .. وهل مازلتِ مُعجبــة به ؟
رفعتُ رأسي بسُرعة ونظرتُ إليه بذهول .. لقد كانت عيناه تحملان نفس تلك النظرآت الجدية التي رأيتها سابقًا ..
لكنه فجأة ضحك وقآل بـِمرَح
- لا عليكِ .. هذا لا يُهم ، يبدو بإنكِ فعلاً تُحبينــه .. كيف لي أن اسأل ، لا شأن لي .. صحيح ؟
أردت الإنكار والصُراخ بقولي ( كلا ليس كذلك !! ) إلا أنه قد قاطعني من جديد وقآل
- إنه محظوظ .. كون غبيــة مثلكِ قد أحبته ..
عقدتُ حاجباي بانزعاج وقُلت معترضة
- لستُ غبيــة
أمال ظهره للأمام وحمل ثقل وجهه بيده التي كان مُسندًا إياها بكوعه على الطاولة وقال مُبتسمًا
- بلى أنتِ كذلك ..
رفعتُ رأسي لأعلى وأغمضتُ عينــي وقلت بغضب
- أنت مُزعج
- رؤية وجهك المُنزعج يُعجبنــي ..
فتحتُ عيني ونظرت إليــه .. كان مُبتسمًا بهدوء ، كانت تلك إبتسامة إستثنائية .. مُختلفة ، حسنًا لا يمكنني وصفها !!
إبتسمتُ بخجل وقُلت بغير شعورٍ مني
- تُعجبنــي إبتسامتك
فتح عينيه ونظر إلي باستغراب شديد بينما قد إحمر وجهــي بشدة
- آه .. شكرًا ياصديقتــي !!
صديقتــي ؟ لــِمَ أشعر أن هذه الكلمـة كالطعنـة ؟ لم تُعجبنــي !!
- بالمُناسبة مينــوري .. مارأيُــكِ بجين ؟ هل أتزوجها
سمعتُ صوت زقزقات عصافير بطنــي التي سببت إحراجًا شديدًا لي .. فنظرت إلى كين الذي رفع حاجبيه تعجبًا وهو يشرب قهوته ثُم انفجر ضاحكًا بينما وجهي قد إحمر بالكامل
- أنا لم آكل شيئًا منذ الأمس ..
ترك كين قهوته على الطاولة الشفافة التي كانت موضوعة أمامه ووقف مع إبتسامة بسيطة على فمه
- يُمكنكِ أن تتبعيني إن شئتِ ..
وقفت لأتبعــه إلى المطبخ ..
- حسنًا أنا لا أملك شيئًا في الحقيقة غير معكرونة سريعة التحضير .. ولحُسن الحظ لم يتبقى منها إلا على عددنا !
إبتسمت وقلت بسعادة
- مُصادفة جميلـة
قال لي مُمازحًا وهو يخرج العُلب من الدولاب المعلق بالأعلى
- ليس بالنسبة لي !
فترة بسيطة جدًا مرت وهو يُعده لنا .. حآول كسر الصمت الذي بيننا فقال بهدوء وهو ينظر إلى سخان الماء
- هل تُحبين ريـــو ؟
نظرتُ إليه بصدمــة .. لم أستطع النُطق بشيء .. لكنني حآولت أن أبذل جهدي
- أنا ...
إلتفتُ إلى الورآء فجأة فرأيت ريــو يقف واضعًا منشفة كين البيضاء على رأسه أمام باب المطبخ ينظر إلينا بجديّه ..
- أنا ...
عاد ذلك النبض العنيف من جديد .. عاد ذلك الشعور الغريب والمخيف إليّ .. كم أكره هذه الحآلة التي أمر بها !
أصبح التنفس صعبًــا .. وصورتــه وهو يقولها لي .. تلك الكلمة ، تُشوش على عقلــي ..
- أنا ...
إقترب ريو كثيــرًا مني حتى كاد يلتصق بي .. كانت نظراته غاضبة مُرعبة جدًا .. لأول مرة أراهــا !
( بعدما حَــل الظلام .. في الساعه الثامنة مساءً تحديدًا )
كانت صدمة كبيرة لي .. كبيرة لدرجـة أنها أصبحت شعورًا مؤذيًا ! .. كالخنجر الذي يشُق طريقه ناحية صدري دون تردُد
مازالت عيناي إلى الآن تنظُران إلى تلك العيون العسليـة .. تلك التي غطتها خُصلات سوداء مُنسدلة عليها بنعومة ..
صاحبتها ، كانت تضحكُ بمَرحٍ وسرور و وجنتاها مُحمرتان بخجل .. دون أن تُدرك أنها سبب في نزيف جُرحي من جديد .. بعدما آمنت أنهُ سيُشفى قريبًا ..
" أكرهُـــــك " .. مؤلمة ، كلمة تخترق قلبي أكثر فأكثر وتزيد من توسع تلك الفجوة الساكنة فيه .. !
كانت مينوري أمام عيناي بصُحبة أكيرآ .. كانا يضحكان سوية ويأكُلان المُثلجات
ما هذا الحظ .. لـِمَ اليوم بالذات قررا الذهاب إلى ذات المكان الذي أُريد أن أرتاح فيه .. أن أنساها به .. هل التفكير بها أمر إجباري لهذه الدرجة ؟
شعرتُ بالضعف حينها وأنا أراها هكذا ، أنا لا أقول هذا لأنني لا أُريد سعادتها ، لكن .. هذا يجعلني اتساءل .. هل ( ريو ) إختفى من حياتها ؟ هل كُنت فعلاً مصدر إزعاجٍ لها ؟
أصبحَت الاسئلة كثيرة .. كُلها أخذت تُصبح سلسلة مُتشابكة عجيبة داخل رأسي .. أُريد من يفُكها ... أريد أجوبة !!!!
- كلا .. فنحنُ في موعدٍ الآن .. لا أُريد تضييع الوقت معكما !
ضحـِك أكيرآ وقال بعدما هدأ
- إذًا فقد تأقلمتما .. وأصبحتما طبيعيين ، حسنًا هذا تطور سريع !
قالت جين مُعترضة رافعة حاجبها بغضب
- مالذي يعنيه هذا يا أكيرا ؟
حرّك يديه في الهواء بعشوائية بلا إهتمام دون أن ينطُق بكلمة
بينما أنا ظللتُ أنظر في عينيّ مينــوري بعتب وألف معنى يُحمل بتلك النظرة .. وأتمنى أن تفهمها !!
عاودت النظر إلى أكيرا الذي كان يتشاجر مع جين كالأطفآل وقُلت
- حسنًا إذًا ، نحنُ سنذهب الآن ..
نظر إليّ بنظراتٍ لم أفهمها .. لكنها أقرب إلى المكر والشَر !
- حظًــا موفقًا
أمسكتُ يد جين التي بدَت غاضبة جدًا وأخذت تشتُم أكيرا طِوال الطريق .. مما أزعجني كثيرًا فاضطررت إلى إغلاق فمها بعدة كلمات جارحة
أوقفتنــي فجأة أمام لعبة مُرعبة .. أنا لا أُحب هذه الألعاب المُخيفة !
- دعينا نعود إلى أصدقائي .. تأخرنا كثيرًا سيقلقون علينا .. هاتفي قد أقفل !!
- أرجووك .. هذه فقط ... هذه فقط صدقني
زفرتُ بتعب ، لا خيار أمامي سـِوى المُوافقة .. فأنا لا أُحب جرح مشاعرها فهي كالطفلة الصغيرة .. ستُصر على دخولها حتى إن عُدنا للمنزل
- حسنًا .. سأنتظـِر بالخآرج !
نظرت إليّ بتساؤل وقالت
- ألن تلعب ؟
- كلا !
حدقت فيّ بنظرات مكر ولؤم ثُم قالت وهي تُشير بسبابتها إلى أنفي
- جبان
لستُ في مزاجٍ جيد للرد عليها ، فاكتفيت بتصويب نظراتٍ حادة إلى عينيها مُباشرةً علّ هذا يُبعدها ولو القليل عني
إنتظرتُ خارجًا لمُدة عشر دقائق على الأقل .. أصبح الوقت يمُر بسُرعة دون أن أشعُر .. وبقيت جين داخل اللعبة فترة طويلــة !
هل ... هل حدث لها مكروه ؟
وقفتُ أترقب خروجها فترة أطول .. الجميع قد خرج سواها .. هذا الأمر بات يُقلقُنــي ..
قررت أن أدخُل إلى هذه اللعبـة المُخيفة لأبحث عنها .. هل نامت بالداخل تلك الخرقاء ؟ هذا ليس إحتمالًا بعيدًا أبدًا !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
- آوه ، تقابلنا مُجددًا !
- منْ ؟ من أنت ... ثُم ماهذا الشيء الذي تضعُه بجانب رأسي ؟! أبعده يا هذا لم أدخُل للعب أريد البحث عن صديقتي !
ضربنـي المجهول بذاك الشيء الصُلب بقوة آلمتني جدًا مما جعلني أصرخ إلا أن يده قد كتمت صرختي
- ريو ، هل تذكُر حادثة المتجــر ؟ هه هل تذكُر " الأرنب " الذي وقفت أمامه كالبطَــل ؟
أخذ شريط الذكريات يلف داخل رأسي حتى وصل إلى ذلك الحدَث .. تذكرتُ تفاصيله كُلها ، عندما كُنت داخل غُرفة أشبه بالمخزَن مع مينوري !
توسعت عيناي إندهاشًا وصدمة .. أيعقل أن يكون هو ذاته ؟
- لا تقُل لي !
- بلىَ .. إنه أنا !!
كيف له أن يعرف إسمي ؟ بل بمكاني .. أيضًــا .. ماهذه الصدفة الغريبة ؟ كلا .. من غير المعقول أن تكون صدفة أصلاً !
قُلت بحدة وتساؤل
- هل .. بحثت عني ؟
- كلا .. أنا أعرِفك منذ أول لقاء ...
هممت بسؤاله عدة أسئلة حيّرتنـي كثيرًا .. لكـِن جوابه كان الضحِك فقط ! مما جعلني أستشيط غضبًا وأحاول مواجهته .. لكن المكان مُظلمٌ جدًا ، لا توجد سـِوى أنوار حمراء لا تُجدي نفعًا .. لا يُمكنني رؤيته !
لف ذراعه بقوة حول رقبتــي وصوّب فوهة المسدس بجانب رأسي من جديد وقال بهمس
- إن نطقت بحرفٍ واحد .. أقسم أني سأقتُلك ، لن أتردد بهذا !
أخذت أختنق مما جعل الرّد عليهِ صعبًا .. ثُم شعرتُ بمنشفة تُغطي أنفــي وفمـي وكانت هي آخر ما أذكُره .. فمن بعد ذلك لم أشعُر أو أرى أي شيء على الإطلاق !!!
- منْ ؟ من أنت ... ثُم ماهذا الشيء الذي تضعُه بجانب رأسي ؟! أبعده يا هذا لم أدخُل للعب أريد البحث عن صديقتي !
ضربنـي المجهول بذاك الشيء الصُلب بقوة آلمتني جدًا مما جعلني أصرخ إلا أن يده قد كتمت صرختي
- ريو ، هل تذكُر حادثة المتجــر ؟ هه هل تذكُر " الأرنب " الذي وقفت أمامه كالبطَــل ؟
أخذ شريط الذكريات يلف داخل رأسي حتى وصل إلى ذلك الحدَث .. تذكرتُ تفاصيله كُلها ، عندما كُنت داخل غُرفة أشبه بالمخزَن مع مينوري !
توسعت عيناي إندهاشًا وصدمة .. أيعقل أن يكون هو ذاته ؟
- لا تقُل لي !
- بلىَ .. إنه أنا !!
كيف له أن يعرف إسمي ؟ بل بمكاني .. أيضًــا .. ماهذه الصدفة الغريبة ؟ كلا .. من غير المعقول أن تكون صدفة أصلاً !
قُلت بحدة وتساؤل
- هل .. بحثت عني ؟
- كلا .. أنا أعرِفك منذ أول لقاء ...
هممت بسؤاله عدة أسئلة حيّرتنـي كثيرًا .. لكـِن جوابه كان الضحِك فقط ! مما جعلني أستشيط غضبًا وأحاول مواجهته .. لكن المكان مُظلمٌ جدًا ، لا توجد سـِوى أنوار حمراء لا تُجدي نفعًا .. لا يُمكنني رؤيته !
لف ذراعه بقوة حول رقبتــي وصوّب فوهة المسدس بجانب رأسي من جديد وقال بهمس
- إن نطقت بحرفٍ واحد .. أقسم أني سأقتُلك ، لن أتردد بهذا !
أخذت أختنق مما جعل الرّد عليهِ صعبًا .. ثُم شعرتُ بمنشفة تُغطي أنفــي وفمـي وكانت هي آخر ما أذكُره .. فمن بعد ذلك لم أشعُر أو أرى أي شيء على الإطلاق !!!
كانت الرؤية مُشوشَة بعض الشيء .. وعلى مسامعي يرن صوت هامس يُناديني باسمي
- ريو ... ريو أجبني ، إستفق أرجوك .. !
أغمضتُ عينيّ بقوة ثُم عاودت فتحهُما من جديد .. أردتُ أن أرفع يداي إلا أنني فوجئت بأنهما قد قُيدتا بحبال تمنعُني من ذلك !
كُنت أنظر حولي بدهشة .. ثُم نظرتُ إلى تلك الفتاة التي كانت على مايبدو مُقيدة أيضًا .. لم أستطِع رؤية وجهها فالمكان مُظلم .. لا تُنيره سـِوى شمعة مُتوسطة الحجم قريبة مني
كانت غُرفة ضيقة نوعًا ما .. كُنا أنا وتلك الفتاة نُقابل بعضنا البعض .. أي أنها كانت أمامي مُباشرة لكن مسافة طويلة تفصل بيننا
ميّزتُ أنها فتاة من حذائها الذي ترتديــه !
- ريو .. أَستيقظت ؟
هززتُ رأسي بالموافقة ثُم قلت بفضول
- جين ؟
- مـ .. مينوري !!
كلا ! ... مينوري ؟ ومالذي أتى بها إلى هُنا ؟
- أنتِ تمزحين !
- لستُ كذلك أيها الأخرق
- ولِمَ انتِ هُنــا ؟
- وما أدراني ! لقد لحـِقتُ بك عندما رأيتُك تدخل تلك اللعبــة .. وفجأة أصبحتُ هُنــا
أردفتُ بغضب
- وَلــِم تلحقين بي ؟
- كُنت أريد مُحادثتك ..
حَل الصمتُ بيننا .. لم أستطـِع قول شيء ولا أدري ماذا أقول فعلاً .. مُنذ فترة طويلـة لم نرَ بعضنا ، ثُم يكون لقاؤنا هكذا ؟
لا أعلم أي كارثة أخرى قد تجمعنا من جديد في المُستقبل أيضًا !!
فجأةً تذكرتُ ذلك المنظر الذي أغضبني كثيرًا .. عندما رأيتها مع أكيرا .. معًا يتحدثان بسرور .. وأيضًا يخرُجان سوية !!!!
- ريـو .. أنا ، أنا خائفة
- وما شأني أنا ؟
خرجَت تلك الكلمـة من فمي بنبرة حآدة وقاسيةٍ جدًا .. أعلم أنها جارحة ، لكن لا أحد يستطيع لومــي .. فالنيران تحرق قلبــي
أصبح الصمت سيد الموقِف من جديد فزفرتُ بضيق ، ونطقت بعدة كلمات عفويـة خرجت دون أن أشعُر
- أَتُحبينـــه ؟
....... انتظرتُ كثيرًا .. لا رد !
حسنًــا فهِمتُ الآن .. هي تُفضل أكيرآ ، تُحبــه .... لآ يُمكنني إجبارُها على محبتـي ، لكن لا يُمكنني أن أقبل بهذا .. لن أستطيع أن أكون كعادتي معها أبدًا !
فجأة أخذت أسمع صوت شهقآت .... تبكي ؟
- مينــوري .. أنتِ تبكين ؟
لآ رد ... لابُد أنها كانت تبكــي .. لكن مُنذ متى ؟ هل بسبب أني قُلت أنه لا شأن لي ؟ ..
توترتُ كثيرًا .. أنا لا أُحبها أن تبكــي .. هذا يؤلمنـي جدًا .. نظرتُ إلى حيث الشمعة بجانبي .. صحيح أنه لا يُمكنني أن أراها جيدًا .. ولكنني خجلتُ من أن أنظُر إليها
- آسف ... توقفــي
- لـِمَ تُعاملنـي بجفاء ؟ ولـِمَ تـِلك النظرة المُرعبة التي حدقت إلي بها عندما كُنت مع أكيرآ .. كانت مُخيفة ..
- تسألين لـِمَ ؟ أنا أُحبــكِ يا مينوري .. أُحبك .. بالطبع لن أقبل بإن تُحبين غيري ..
- أنا لن أُحب أحدًا غيرك
اتسعت حدقتا عينــي في إندهاش ... هل ما سمعتُه الآن كان مُجرد خيآل أم ماذا ؟ لقد جُننت .. هذا مؤكد !!!!
- ماذا ؟
أخذَت فجأة تتنفسُ بتوتر .. كان ذلك باديًا على صوت أنفاسهــا المُتسارعة ..
- وأكيــرا ؟
- مـِن المآضي !
- لكـِنكِ تخرُجين معه ؟
- بـِسَببـِك !
كانت كلماتُنا سريعة وتخرُج من أفواهـِنا بتلقائية .. إلى أن قالت أنه بسببي فتوقفت ، ماذا فعلت لها ؟
- إذًا تبحثين عن غيري بمُجرد أني رحلتُ مُرغمًا ؟
فاجأتني بصُراخهــا الذي خالطه بُكاء مرير وهي تقــول
- أحمق لقد قُلت أني لن أُحب غيرك .. ، لقَــد كُنت أتمشىَ ولا وجهة مُحددة لدي .. إلى أن قابلنـي أكيرا صُدفة ، وكان ذلك مـِن حُسن حظي .. فلقد إحتجتُ إلى من أكلمه فعلاً عن ما أمُر به
- ما تمُــرين به ؟
- لا تُقاطعني !
أسكتتني جُملتها تلك فهززتُ رأسي إيجابًا لتُكمل بعدما هدأت قليلًا لكنها مازالت مُنفعلةً بعض الشيء
- لقَد كُنت أفكر بك طوال اليوم ، حتىَ أن درجاتي قد تدنّت لأني لا أستطيع التركيز .. مكانُك خالٍ .. كُنت دائمًا ما أتذكر مواقفنا المُضحكة .. عندما كُنا نسحب كراسي بعضنا .. أو عندما تُزعجني بخربشتك على طاولتي
لقد كُنت كل يومٍ أنتظرُك لتُفــاجئني بقدومك .. أو لتزعجنـي بمقالبك ، حَتى صُدمت بأنك قد نُقلت .. هكذا أصبحتُ أشعُر أني بلا روح .. فعلاً ! لقد تدمرتُ كُليــًا !!!
و ... وذلك اليوم ، عندما أخبرتنـي بإنك تُحبني .. فرِحتُ كثيرًا ، وعزمت على إخبارك ... لكني لم أستطِـع ، أعلم .. حمقاء ، هذا ماتقوله في عقلـِك أليس كذلِـك ؟
كُل كلمـة مما قالت جعلتنــي أصدم .. لم أتوقع هذا ولم يخطُر على بالي أبدًا .. هذا أكبر من أن يتحملـه عقلـي حتى !!
- لكن ، ماذا عن قولكِ أنكِ تكرهينني ؟ مازال تأثير تلك الكلمة الجارحة يؤلمني
- لم أقصِدها ، لكن عـِندما كُنت تنظر إلي بتلك النظرات المُرعبة الحادة .. خـِفت كثيرًا ، فنطقتُ بها .. حتى أنا لا أعلم لـِمَ قُلتها ..
أنا لن أبكي ، لكن شعور الراحة العجيب الذي أحسست بهِ حينهـا .. جعل عيناي تدمعان ..
إذًا .. فمينــوري لي وحدي ، وهي لا تُحب سواي ... هي ليسَت لأخي الكريــه .. هي ، لي أنا !!!
أردتُ أن أقترِب إليها .. فما كانت لي من طريقة سوى الزحف على رُكبتي للوصول إليهــا ..
وصلتُ إلى مُنتصف المسافة .. شعرتُ بحاجة كبيرة إلى احتضانها ، صحيح أن يداي مُقيدتان .. لكن لا بأس حتى بالجلوس بجانبها
اقتربتُ إليها وأوشكتُ على الوصول إلى الجدار .. لكن ما أوقفنـي هو صرير الباب الذي فُتح فجأة وتسلل منه بعض النور إلى الغُرفة
- مالذي يحدُث هُنا .. إرجع إلى مكانك أيها الأخرق
- ما شأنُك ؟ و لـِمَ نحنُ هُنا ؟!
ضحـِك ذاك الشاب الغريب الذي دخل فجأةً ذو الشعر الأسود والعينين الخضراوتين وقال
- هوّن عليك ، بـِما أن والديكُما سيدفعان الدين .. سنُطلق سراحكما آمنين سآلمين ، لكن
ابتسم ابتسامة جانبيـة وقال بثقة
- إن لم يدفعا ، فستُقتلان ، على كُلٍ .. لا تحتاج إلى فهم الأمر لأن ذلك قد يُسبب لك صداعًا حاد كما هو الحال معي ! ، أنا سآخذ فتاتك لبعض الوقت .. سأُرجعها إليك عندما ينتهي موضوعنـا
ضحـِك بقوة ثُم أردف بـِشَر
- ولرُبما لن أفعَل !!
أمسَك بذراع مينــوري بقوة وجذبها ناحيته وهي تصرُخ معترضة مما أثار غضبـي ..
آه ... أشعُر بألمٍ فظيع برأسي .. لا ، ضغطــي بدأ يرتفع !!!
في الآونة الأخيرة لم أكن آخذ دوائي .. هذا ليس جيدًا
أردتُ الصُراخ .. أردتُ أن أفعَــل أي شيء .. ثُرت كالبُركان ..
- ماقصة الدين ؟ .... ولـِمَ هيَ ؟ خُذونــي أنا !!
عاود الضحـك بشكل مُستفز وأغلق الباب بعدما خَرج وظللت أسمع صوت قهقهآته وصُراخ مينـوري من خلفــه ..
ألم فظيييع .. لآ يُمكنني تحمُل هذا ..
استلقيت على الأرض وأغمضت عينيّ بهدوء .. هه وكيف أهدأ ومينــوري لا أعرف ما مصيرُها أو مالذي سيفعلونه بها ؟
أكاد أُجَــــن !!!!!!
( مينــوري )
- كلآ ... مالذي تُريدونــه مني ؟ أنا لم أفعل شيئًا .. ثُم من أنت ؟
ضغط ذلك الشاب على ذراعي بقوة وتوقف فتوقفت معــه فجأة
خِفت كثيرًا من لمعة الغضب التي ظهرت في عينيه الخضراوين فصمتِ خشية أن أقتل حقًا !
مشينا مسافة طويلـة في ممر ضيّق تُنيره شموع مُعلقة على جدرانه .. إنهُ يُشبـه الممر الذي يوجد في منزل ريو كثيرًا !!
وصلنا إلى بابٍ خشبي أيضًا يُشبه أبواب منزل ريو .. لكن من غير المعقــول أن أكون بـِه ؟
فتح ذلك الشاب المُخيف الباب وألقى بي بقوة على الأرض
دب الرُعب في قلبي وأخذ يدق بعُنف .. مالذي سيحِل بي ؟
- مينــوري ..
جدي .. إنه صوت جدي ! .. غير معقول ..
رفعتُ رأسي لأعلى لأراه واقفًا أمامي ويُساعدني على النهوض .. وكان بجانبة والد ريو و والد جين ... و جدُه أيضًا !! .. ومن ثُم نظرتُ إلى ما ورائهم فرأيت رجالاً كُثر يرتدون بزة رسمية سوداء
- مينوري يا ابنتي .. هل انتِ على مايُرام ؟ هل آذوكِ ؟
نظرتُ إلى الشاب الذي أحضرني إلى هُنا عندما تكلم دون أن ينظر إلينا وهو يُسند كتفه على الباب
- نحن لم نفعل لها شيئًا .. ولا تُثرثر كثيرًا كحفيدتك وأخبرها بالموضوع مُباشرة .. بات الأمر يُغضبني يا عجوز !
هز جدي رأسه بالموافقة دون التعليق .. ونظر إلي بنظرة رجاء لم أفهم مغزاها
- مينــوري .. يا ابنتي أنتِ أملُنا الوحيــد .. أنا فعلاً آسف !!
قُلت بتساؤل
- مالذي يجري ؟ فجأة من مدينة الملاهي أصبحتُ هُنــا
- سأخبُركِ بكُل شيء .. وأصغي إليّ جيدًا ..
حدقت في كُلٍ من والد جين و والد ريو وجده بفضول بينما بادلونـي نظرةً باردة ، ثُم عُدت ببصري أنظر إلى جدي وهززتُ رأسي موافقة حتى يُكمل
- إن والدا ريو وجين قد عقدا صفقـة لمشروع ضخم ظنا أن ربحهُما فيه أكيد ، لذلك تدينا لوالد هذا الشاب هُناك بمبلغ كبيــر جدًا .. حتى يرُداه بعد الربح
إلا أن ذلك لم يحدُث .. فخسـِرا الكثير ..
قاطعتُ جدي بفضول
- وما شأني أنا ؟
- آه ، عندما آخذوكِ .. ذهبَ كُلٌ من والد ريو وجين وأيضًا جده ليتأكدوا من ذلكِ .. وتبيّن لهُم أنه قد حدث خطأ ما .. ولحُسن الحظ أن صديقي يعرفُكِ جيدًا ، فاتصل بي وأخبرني بذلك .. وأتيتُ على الفور
تنحنح ثُم أكمل
- لقد ظنوا بأنكِ جين ، فخطفوكِ أنتِ وريو لتكونا رهائن حتى يرُدا الدين .. على كُلٍ ..
نظَر إلى عينيّ وأمسك بعضديّ بقوة
- لقد ترك لكِ والدُك ثروة كبيرة عندي قبل موتِــه ..
لم أعي ما قاله بدايةً على الإطلاق .. واكتست ملامح الغباء وجهي تمامًا فقال بعد تنهيدة قصيرة
- لقد أصرّ ألا أُخبركِ بهذا إلا عند بلوغك عشرين عامًا ، لكننا نحتاج إليكِ يا ابنتي .. كما أن جد ريو قد ساعدني كثيرًا من قبل ولا يُمكنني أن أقف الآن مكتوف اليدين عندما إحتاجني !!
أخذت أتنفس بعُمق وأغمضتُ عيناي وشعرتُ بالتوتر .. وشرعت أرتب كلامه في ذهني حتى أفهمه جيدًا وأتصرف بحـِكمة !
تقدّمتُ ناحية والد ريــو بثقة ووقفت أمامه ثم رفعتُ رأسي لأنظُر لعينيــه الباردتين
- سأقوم بالمُساعدة .. لكن بـِشرطٍ واحد !
رفع حاجـِبهُ إستغرابًا مما شجّعنـي على القول
- لا يُهمنـي المآل .. إن كُنت سأحصل على ريو !
ابتسَم وقال باستخفاف
- لم أفهم مايعنيهِ هذا ؟
- الأمر ليس صعبًا ، كُل ما أريده هو أن يكون ريو لي .. أي أن ينفصل عن جين .. فهو يُحبني .. وأنا كذلك !!
زم شفتيه وأغمض عينيــه .. ثُم استدار ناحية والد جين طالبًا عونــه ورأيه
ابتسم والد جيــن بحنان وقال يُخاطبنــي
- لكِ هذا ، كما أني لن أقبل أن تتزوج ابنتي بشــابٍ يكُن مشاعر الحُب لأخرى !!
وددتُ أن أقفـِز فرحًا إلا أن موقفنا الآن لا يسمحُ بذلك .. فاكتفيتُ بابتسامة واسعـة رُسمت على ثغري
- فيمَ كُنت تُفكــر هاه ؟ أخبرني .. لقد كُنت تُحدق بهاناكو فترة طويلـة
ضحِكتُ بخفة وقُلت لها بابتسامة ماكرة
- هل تغاريـــن ؟
دمعت عيناي ضحِــكًا عندما رأيت وجهها يُصبغ بحُمرة الخجل وهي في أوج غضبها أيضًا .. صرخَت ثُم ضربتني بقوة بدفترها
- كلا .. لستُ كذلك .. لكن شرودك أثار فضولــي !!
زِدت ابتسامتي مكرًا وقُلت مُشيرًا إلى أنفها لأغيظها
- تغارين .. تغارين .. تغارين
فجأة شعَرنا بظل شخصٍ ما فوق رأسينا .. ما إن رفعناهُما حتى تلقينا ضرباتٍ موجِـعة بالمسطرة الطويلـة الخاصة بالأُستاذ !
صرخنا ألمًــا وقُلنا مُغتاظين في الوقت ذآته
- لـِمَ تفعل ذلك .. هذا مؤلم !
نظرنا إلى بعضنــا والشرر يتطاير من عينينا ثُم قُلنا معًا للمرة الثانية
- لا تُقلدنـــي !!
كُنا ننظر إلى بعضنـا بغَضب مُقطبين حاجبينا .. هكذا ظللنا فترة طويلة إلى أن سمعنا ضحكات قد علا صوتهــا أرجاء الفصل
نظرنا من حولـِنا فرأينا الجميع يُشير إلينا ويضحك بقوة حتىَ إحمر وجهينا من شدة الإحراج
- ريو ومينــوري ، أنتُما مُعاقبان ! ستأتيان إليّ في نهاية الدوام ..
أردتُ مُقاطعـته إلا أنه أسكتني بنظرة مُخيفـة جدًا .. إنها حَتى لا تُشبه نظرة أبي المُرعبة عندما يغضَب !
وكأن هذا ماينقُصنــي .. !!
لقد عُدت من جديد إلى مدرستي السابقة مع مينوري .. وقد رحّب الجميع بعودتي من جديد ترحيبًا حارًا .. أصبح عدد مُعجباتي يقل شيئًا فشيئًا بعدما انتشر خبر أن لديّ صديقة
أشعر ببعض الاستياء لهذا .. لن يُقدمن لي المأكولات التي أحبها بعد الآن ! لكن لا بأس إن كان ذلك أيضًا سيُريحنــي من جهة أخرى ...
أردت حقًا أن أبقى مع صديقي سانو ، لكن لا يُمكنني أن أتخلى عن مينوري المُشاكسة أبدًا
هذا بالطبع لا يعني أنني سأتخلى عنه .. بل أنا على إتصال شبه دائمٍ به ، هو أول صديق حقيقيّ لي على أي حال .. فلا يُمكنني التفريط به بسهولة !