 | |
| طلبات الإشراف | |
| إذا كنت قادراً على الإشراف في شبكة همس الشوق شريطة ان تكون مشاركاتك من فوق [ 5000 مواضيع وردود ] | |
وكل عام وانتم بخير وصحه وعافيه
اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا ! 
  
\r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n \r\n \r\n\r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n وقفات فى نهاية العام \r\n \r\n \r\n\n \n \n \n \nبسم الله الرحمن الرحيم \n \n \nالحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة والسلام على من جاء بالصدق وصدّق به ظاهراً وباطناً، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، أمّا بعد: \n \nما أسرع مرور الأيام، وما أشدّ تعاقب الملوان (الملوان: الليل والنهار)، وما أجرأ الليالي على هدم أعمارنا وانتقاص آجالنا. \n \nبالأمس القريب ودعنا شهر رمضان الذي مضى وكأنّه حلم جميل ما أتى إلاّ وقد آذن بانصرام.. ثم مضى بعده موسم الحج وكأنّه طيف خيال أو عابر سبيل مرَّ مرور الكرام وانصرف. \n \nواليوم نحن في وداع عامٍ كامل من أعمارنا وفي استقبال عام جديد.. سنة كاملة من عمر الإنسان قد تهيأت للرحيل.. ماذا أدينا فيها من أعمال؟! \n \nوماذا قدَّمنا من طاعات؟ وماذا اكتسبنا فيها من أجور وحسنا؟ \n \nكم آية من القرآن قرأنا؟ \n \nوكم صلاة ركعنا فيها وسجدنا؟ \n \nوكم درهم أو دينار أنفقنا وتصدقنا؟ \n \nوكم من الأيام صُمنا؟ \n \nوكم من المعروف بذلنا؟ \n \nكم يتيم مسحنا دمعته؟ \n \nوكم مسكين فرَّجنا عنه كربته؟ \n \nوكم بائيسٍ فقير سددنا خلّته وقضينا حاجته؟ \n \nوكم مجاهدٍ دعونا له ونصرناه؟ \n \nوكم آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر شددنا أزره وباركنا خطاه؟ \n \nكم معصية ركبنا؟ \n \nوكم نظرة خائنة نظرنا؟ \n \nوكم رجل أو امرأة اغتبنا؟ \n \nوكم من حدود الله انتهكنا؟ \n \nوكم من ضعيف ظلمنا؟ \n \nوكم من فقير أو مسكين أو يتيم أهملنا؟ \n \nوكم من الساعات والأيام غفلنا؟ \n \nسنة كاملة أُودع فيها في صحائف الحسنات ما شاء الله أن يُودع.. وسُوّد فيها في صحائف السيئات ما شاء الله أن يُسوّد.. فيا ليت شعري من منَّا المقبولُ فنهنِّيه.. ومن منّا المطرود فنعزّيه.. \n \nووجدوا ما عملوا حاضراً \n \nولئن كنا قد نسينا ما فعلنا من الحسنات والسيئات.. فإنّ ذلك محفوظ في كتاب قد أحصاه الملكان.. وسطره الكرام الكاتبون.. قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] أي ما يتكلم ابن آدم بكلمة إلاّ ولها مَنْ يرقبها، مُعَدٌّ لذلك، يكتبها، ولا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار : 10-12]. \nوفي يوم القيامة يرى كلّ إنسان عمله ماثلاً أمام عينيه فيعتريه الخوف والهلع، ويُنجّي الله تعالى أهل الإيمان برحمته بعد أن أطاعوه واتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم وعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته، ويهلك الكافرين بسبب أعمالهم الخبيثة وأفعالهم الفظيعة كما قال تعالى : {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الجاثية: 28-34]. \n \nوفي هذا اليوم يقف العصاة مذهولين مبهورين ويقولن: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: 49]. \n \nبادر قبل أن يُبادر بك \n \nفيا أخي/ اختي الحبيب! هل أعددت لهذا اليوم عُدَّته؟ وهل سعيت فيما ينجيك من هوله وكربته؟ \n \nوهل حاسبت نفسك على ما بدر منك من أقوال وأعمال؟ \n \nوهل اجتهدت في طاعة مولاك ذي الجلال والإكرام؟ \n \nأم أنّك في غفلتك سادر.. وفي طريق الغيِّ سائر؟ \n \nأَفِقْ أخي/ اختي قبل أن يحين موعدك فتقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} فيقال لك {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون: 99-100]. \n \nوانظر أخي/ اختي إلى الصالحين.. كيف كانوا يعملون؟ كيف كانوا يقولون؟ كيف كانوا يفعلون؟ واحكم على نفسك من خلالهم.. وقل لي: هل عملك ينجيك غداً من عذاب السعير؟ أم أنّك من الذين أساءوا العمل وأخطأوا المسير؟ أم من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؟ واجه نفسك بهذه الحقيقة ولا تعتمد على رجاء كاذب أو أماني باطلة.. \n \nواعلم بأنّ الصالحين قبلك مع ما كانوا عليه من عبادة وطاعة وإحسان عمل، كانوا لا يثقون بأعمالهم، ويخافون من الردّ وعدم القبول.. \n \nفهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، الذين رفع الله ذكره.. وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. وبشَّره بالمنزلة العظيمة والمقام الرفيع الذي لا أعظم منه ولا أرفع يوم القيامة. \nكان يقوم من الليل حتى تتفطّر قدماه، فلما قيل له: تفعل ذلك وقد غفر لك ربك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً؟». وكان صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم الواحد أكثر من مائة مرة.. \n \nوهل كان صلى الله عليه وسلم يعصي ربه حتى يستغفره ويتوب إليه في اليوم مائة مرة؟ \n \nكلا والله ما كان إلاّ طائعاً، ولكنها المحاسبة الدائمة للنفس، والمراقبة التامة لخطراتها، والتواضع الجم باستغفاره والتوبة إليه وعدم الركون إلى مقام النبوة الرفيع.. قال صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحد الجنة بعمله». قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟! قال: «ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل». \n \nفيا أخي الحبيب! إذا كان هذا حال سيد المرسلين فكيف يكون حالي وحالك؟ كيف نفرح ولا ندري ما مصيرنا؟ وكيف نلعب ولا ندري ما مآلنا؟ وكيف نمزح ولا ندري أمن أهل الجنة نحن أم من أهل النار؟ قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]. \n \nوقال تعالى: {يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30]. \n \nوقال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6]. \n \nفيحكم الله بين عباده ويحاسبهم على أعمالهم جميعاً، ولا يترك من ذلك شيئاً ولو كان صغيراً، ولا يظلم أحداً من خلقه، بل يعفو ويصفح، ويغفر ويرحم، ويعذّب من يشاء بقدرته وعدله، ويملأ النار من الكفار وأصحاب المعاصي، ثم ينجي أصحاب المعاصي من المؤمنين فيخرجهم من النار بعد أن يعذَّبوا فيها ما شاء الله، ويخلّد فيها الكافرين، وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم.. \n \nثم لتُسألنَّ يومئذ عن النعيم \n \nولعظيم يوم الجزاء أمر الله عباده بمحاسبة أنفسهم والاستعداد لما أمامهم حتى لا يفجأهم الموت وهم على حالهم من الغفلة والإهمال، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18]. \n \nقال الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم". \n \nوقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنّه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية". \n \nفالمؤمن يحاسب نفسه لأنّه يعلم أنّه سوف يحاسب غداً بين يدي الله عز وجل، والعاصي يمضي قُدماً لا يحاسب نفسه؛ لأنّه غافل عن يوم الحساب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحدٍ إلاّ سيكلمه ربّه عز وجلّ، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلاّ ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه]. \n \nوقد أخبر الله تعالى في كتابه أنّنا سوف نُسأل عن نعيم الدنيا فقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]. \n \nسوف يسألنا الله عز وجل عن نعيم الدنيا؛ عن الماء البارد، والطعام الشهي، والمسكن والمركب والملبس؛ ماذا عملنا فيه؟ وكيف وصلنا إليه؟ \n \nقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» [رواه الترمذي وصححه الألباني]. \n \nقال قتادة: "إنّ الله سائل كلّ عبد عما استودعه من نعمه وحقه". \n \nوقال ابن القيم رحمه الله: "والنعيم المسئول عن نوعان: نوع أُخذ من حلّه وصُرف في حقّه، فيسال عن شكره، ونوع أُخذ بغير حلّه وصرف في غير حقّه، فيسأل عن مستخرجه ومصرفه". \n \nفيا أخي الحبيب: أعدّ للسؤال جواباً، وللجواب صدقاً وصواباً، فإنّ الأمر جدُّ خطير، لأنّه متعلق بالمآل والمصير، إمّا نعيم مقيم، وإمّا عذاب أليم. \nقال أحد السلف: "لو أن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في الحمام لكان أجدرُ بي أن لا أفتر من عبادة الله عز وجل، فكيف وقد توعدني إن أنا عصيته أن يعذبني في نار جهنم؟!". \n \nطريقة المحاسبة \n \nقال الإمام ابن القيم رحمه الله في طريقة محاسبة النفس: "وجماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً عن الفرائض، فإن تذكَّر فيها نقصاً تداركه، إما بقضاء أو إصلاح. \nثم يحاسبها عن المناهي، فإذا عرف أنّه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية. \nثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خُلق له، تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى. \nثم يحاسبها بما تكلّم به، أو مشت إليه رجلاه، أو بطشت يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أيّ وجه فعلته؟ \nويعلم أنّه لابد أن ينشر لكلّ حركة وكلمة ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وكيف لعته؟؛ فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة". \n \nمن أخبار أهل المحاسبة \n \nأخي الحبيب: ليست محاسبة النفس مقتصرة على نهاية العام، أو نهاية الشهر أو نهاية اليوم، فإنّ الصالحين كانوا يحاسبون أنفسهم عند كلّ عمل من الأعمال أو قول من الاقوال، قال الحسن رحمه الله: "رحم الله عبداً وقف عن همّه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخَّر..". \n \nوقال الحسن أيضاً في قوله تعالى: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2]: "لا تلقى المؤمن إلاّ يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟، والعاجز يمضي قدماً لا يعاتب نفسه". \n \nوقال ميمون بن مهران:" لا يكون الرجل تقيّاً حتى يكون لنفسه أشدّ محاسبة من الشريك لشريكه". \n \nوقال إبراهيم التيمي:مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها. ثم مثَّلت نفسي في النار؛ آكلُ من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي!! أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً. قلت: فأنت في الأمنية فاعملي". \n \nوكذلك أنت ـ أخي الحبيب ـ لازالت الفرصة أمامك فاغتنمها ولا تضيعها، فإنّ كثيراً غيرك قد حُرموا تلك الفرصة، ووسِّدوا القبور، وجُندلوا في صفائحها، فاشكر الله على تلك المهلة، وتب إليه ممّا مضى، وأحسن العمل فيما بقي، فإنّ الأعمال بالخواتيم، والتوبة تمحو ما كان قبلها من الذنوب، فخُذ نفسك بالجدّ، ودَعْ عنك الكسل والفتور، فقد ذكر محمد بن المنكر أنّ تميماً الداري رضي الله عنه نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح، فعاقب نفسه بقيام سنة كاملة للذي صنع. \n \nوكان الأسود بن يزيد مجتهداً في العبادة، يصوم النهار، ويقوم الليل، فقال له علقمة: كم تعذّب هذا الجسد، فقال الأسود: كرامة هذا الجسد أريد. \n \nوانظر ـ أخي ـ كيف كانوا يحادثون أنفسهم، ويكلمونها، ويسمعون منها، وكأنّها أشخاص غيرهم، أو أشباح يحسّون بها ولا يرونها، فقد سمع محمد بن المنكدر زياد بن أبي زياد وهو يخاصم نفسه في المسجد يقول: اجلسي هنا.. أين تريدين؟ أين تذهبين؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد؟ انظري إلى ما فيه.. تريدين أن تبصري دار فلان، ودار فلان، ودار فلان؟.. وكان يقول لنفسه: مالك من الطعام يا نفس إلاّ هذا الخبز والزيت، ومالك من الثياب إلاّ هذان الثوبان ومالك من النّساء إلاّ هذه العجوز، أفتحبين أن تموتي؟ فقالت: أصبر على هذا العيش.. \n \nوأعظم من هذا أنّهم كانوا يعاتبون أنفسهم في ساحات القتال وميادين الوغى لئلا تتراجع وتتخاذل أمام بريق السيوف وطعنات الأسنة وضربات الرماح، ففي غزوة مؤتة حينما أصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه دعا الناس: "يا عبدالله بن رواحة! يا عبدالله بن رواحة!" وكان في جانب العسكر ومعه ضلع جمل ينهشه، ولم يكن ذاق طعاماً قبل ذلك بثلاث، فحينما سمع النداء رمى بالضلع ثم قال: "وأنت مع الدنيا!! ثم تقدم فقاتل"، فأصيب أصبعه، فارتكز فجعل يقول: \n \n \nهل أنتِ إلاّ إصبع دميــتِ وفي سبيل الله ألقيــــتِ \n \nيا نفسُ إلا تقتلي تمـوتي هذا حياضُ الموت قد صليتِ \n \nوما تمنيت فقد لقيـــتِ إن تفعلي فعلهما هديـــتِ \n \nوإن تأخرتِ فقد شقيتِ \n \nثم يقول: \n \nيا نفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنــــــزلنه \n \nطائعة أو لتكــــرهنَّهْ فطالما قد كنت مطمئـــنة \n \nهل أنت إلاّ نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنهْ \n \nثم قاتل حتى قُتل رضي الله عنه. \n \nفيا أخي الحبيب! دع عنك التسويف والغفلة، وإيّاك إيّاك وطول الأمل، ولا يغرنك الذين عمّروا طويلاً، ولكن انظر كم يموت من الشباب. \n \nقال ابن الجوزي رحمه الله: يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدّاً، ولا يغتر بالشباب والصحة، فإن أقلَّ من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت من الشباب، ولهذا يندر من يكبر، وقد أنشدوا: \n \n \nيُعَمِّرُ واحد فيغرُّ قوماً ويُنسى من يموت من الشباب!! \n \nكم من الشباب يموتون بالأمراض الفتاكة؟ \n \nوكم من الشباب يموتون بسبب الحوادث القاتلة؟ \n \nوكم من الشباب يموتون بسبب الإدمان؟ \n \nوكم من الشباب يموتون بسبب الحروب والخصومات؟ \n \n \nفعلى الحازم أن يتجهّز للقاء الله، وأن يبادر إلى التوبة والأعمال الصالحة، ولا يفتر من محاسبة نفسه ومعاتبتها في ساعته، في يومه، في شهره، في سنته، حتى يدركه الموت على حالٍ من اليقظة والاستعداد والتأهب. \n \nأخي الحبيب! \n \nتؤمّل في الدنيا قليلاً \n \nولا تــدري إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر \n \nفكم من صحيح مات من غير علة \n \nوكم من سقيم عاش حيناً من الدهر \n \nنسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين \n \n \n \nتحياتي لكم \r\n الموضوع الأصلي :\r\nوقفات فى نهاية العام || الكاتب :\r\nسهام بنت الاردن || المصدر :\r\nشبكة همس الشوق \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n\r\n\r\n \r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n \r\n \r\n \r\n\r\n\r\n\r\n \r\n\r\n
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
عضويتي
العرض الشجري
